نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الأربعاء، 28 مارس 2012

مسيرة الحب والعطاء 4- البابا شنوده والرجاء المبارك


مسيرة الحب والعطاء            
لقداسة البابا شنوده الثالث

4- البابا والرجاء المبارك

للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

أهمية الرجاء فى حياة المؤمن..
+ الرجاء نافذه على المستقبل السعيد ... الرجاء مهم لحياتنا ولو فقد الإنسان الرجاء فانه يفقد كل شئ، لان الذى يفقد الرجاء، يقع فى اليأس، ويقع فى الكآبة، وتنهار معنوياته، ويقع فى القلق، والاضطراب ومرارة  الانتظار بلا هدف وقد يقع العوبة فى يد الشيطان. لذلك كان قداسة البابا شنوده كسفير رجاء يحيا ويعلم شعبه عن أهمية التمسك  بالرجاء المبارك حتى آخر لحظات حياته منتظراً السماء الجديدة التى يسكن فيها مع الله فى حياة البر ويبث فينا روح الرجاء ويقول لنا قداسته : ( اولاد الله باستمرار عندهم رجاء، ويعيشون فى رجاء، ومهما تعقدت الأمور، ومهما بدا ان الله قد تأخر عليهم، ومهما بدا كل شئ مظلماً هناك رجاء). لذلك كتب قداسة البابا كتاب حياة الرجاء الذى كتب فى مقدمته قائلاً:(كثيرون جداً يحتاجون إلى كلمة تعيد اليهم الرجاء، يحتاجون إلى نافذة من نور، تبدد الظلمة التى تكتنف نفوسهم). لقد تشبه قداسة البابا بمعلمه رئيس كهنة الخيرات العتيدة الذى كما جاء عنه فى  نبؤة أشعياء النبى فى(اش 42) {هوذا فتاي الذي اخترته حبيبي الذي سرت به نفسي اضع روحي عليه فيخبر الامم بالحق. لا يخاصم ولا يصيح ولا يسمع احد في الشوارع صوته. قصبة مرضوضة لا يقصف وفتيلة مدخنة لا يطفئ حتى يخرج الحق الى النصرة. وعلى اسمه يكون رجاء الامم} مت 17:12-20.
+ المسيحية والرجاء المبارك .. فى المسيحية نرى ان الله هو إله الرجاء المبارك. ففى بدء خدمة السيد المسيح فى الجليل أعلن السيد هدف رسالته بقوله { لانه مسحني لابشر المساكين ارسلني لاشفي المنكسري القلوب لانادي للماسورين بالاطلاق وللعمي بالبصر وارسل المنسحقين في الحرية. واكرز بسنة الرب المقبولة}  لو 18:4-19. يقول قداسة البابا: ( فى المسيحية يوجد رجاء للافراد، ويوجد رجاء للهيئات، ويوجد رجاء للكنائس، ويوجد رجاء للبلاد، ويوجد رجاء للعالم كله). وعلينا ان نتمسك بالرجاء فى كل حين    { لنتمسك باقرار الرجاء راسخا لان الذي وعد هو امين }(عب  10 :  23). لنا رجاء فى أفتقاد الله للبشرية فى كل وقت، هذا الرجاء لا يضعف أبداً عند المؤمنين مهما بدا الامر صعباً ولهذا نحيا فرحين  {فرحين في الرجاء صابرين في الضيق مواظبين على الصلاة} (رو  12 :  12). ونحن سنخلص بالرجاء فى محبة الله لنا وإيماننا انه قادر ان يقودنا فى موكب نصرته وبمحبة لنا نحيا حياة التوبة ونثمر روحيا وننال أكليل الحياة { والرجاء لا يخزي لان محبة الله قد انسكبت في قلوبنا بالروح القدس المعطى لنا} (رو  5 :  5).
+ الله يسعى الى خلاصنا...  كما بحث عن الخروف وحمله على منكبيه فرحاً وكما قال السيد المسيح    { يكون فرحاً فى السماء بخاطئ واحد يتوب} لو 7:15. ان الله {يريد ان الجميع يخلصون، والى معرفة الحق يقبلون} 1تى 4:2. وكما نصلى فى الأجبية ( الداعى الكل الى الخلاص من أجل الموعد بالخيرات المنتظرة). يقول قداسة البابا :( ان عمل الله ليس فقط أن يفرح بتسبيح السارافيم، أو بنقاوة الملائكة، أو بكرازة الرعاة، أو بجهاد القديسين، إنما هو يفرح بخاطئ واحد يتوب أكثر من تسعة وتسعين باراً لا يحتاجون الى توبة ). ويوصينا قداسته بان لا نفقد الرجاء، مهما ضللنا، لانه هناك درجة أبشع من الضلال جاء الرب ليخلصها كما قال عن نفسه { جاء ليطلب ويخلص ما قد هلك} لو 10:19. اذن حتى الذى هلك، مازال له رجاء فى الخلاص. نعم بلا شك، ان المسيح قد جاء يخلص الموتى بالخطايا. ويشجعنا قداسة البابا قائلاً :( لا يقل أحد إذن، مهما حدث منه، ومهما حدث له، انا انتهيت، أنا ضعت، وليس هناك فائدة منى ولا وسيلة لخلاصى..! أطمان فحتى إن كنت قد هلكت فعلاً، فاعلم ان باب الخلاص لا يزال مفتوحاً أمامك، والرب قد جاء يطلب ويخلص ما قد هلك).

الرجاء فى كل الاوقات والظروف..
+ كل الاشياء تعمل معاً للخير .. يقول قداسة البابا مؤكداً : ( نحن نعيش فى الرجاء فرحين باستمرار، والسلام يملأ قلوبنا، لاننا لا نعتمد على ذواتنا ولا على وسائط عالمية، وإنما نعتمد على الله الذى يعمل كل خير. فى هذا الرجاء أحب أن نعيش جميعاً، ككنيسة ترجو ملكوت الله وتنتظره، وترجو عمل الله فيها فى كل حين، ونؤمن بعمل الله. هذا الرجاء ان لم يكن فينا فلنطلبه كعطية مجانية من الله، الذى يملأ القلوب بسلامه وبرجائه). ولعل هذا ما جعل قداسة البابا يحيا فرحا مبتسماً متمتعاً بالسلام والاطمئنان القلبى رغم كل الضيقات والتجارب التى مرت على قداسته ويوكد قداسته على قول الكتاب المقدس { كل الاشياء تعمل معاً للخير للذين يحبون الله} رو 28:8.ونقصد بالخير بالمقاييس الإلهية وليس الخير بمفاهيمنا البشرية. الله صانع الخيرات وهو الذى نعلق رجائنا عليه ونقول له فى صلوات القداس: (يارجاء من ليس له رجاء ومعين من ليس له معين). وكما يقول المزمور { الاتكال على الرب خير من الاتكال على البشر، والرجاء بالرب خير من الرجاء بالرؤساء} مز 9:118. ففى عظة البابا فى 1/2/2012م  عن الأطمئنان، وربما نتيجة لما تمر به بلادنا والكنيسة راى قداسته رؤيا فى ليله 31 يناير وقصها الاب القس بولس الانبا بيشوى كما سمعها من قداسته انه راى موسى النبى وسار معه ليريه كيف شق الله فى البحر طريقا فى البحر أمام موسى ومن ورائه الشعب يسير . ان موسى كان يسير فى على الارض والبحر يهرب من امامه وتظهر اليابسة وهكذا اراه الله كيف يحيا على رجاء وكيف يطمئن ابنائه فى ضيقاتهم واحزانهم وظروفهم الصعبه وهذا ما وعظ به الشعب فى اليوم التالى عن الأطمئنان، دون ان يحدثهم بما شاهد . لعله موسى النبى الذى ظهر قديما للقديس الانبا انطونيوس ليفسر له ما صعب عليه فى التوراه جاء ليهب البابا الرجاء المبارك مرسلا من الله بشفاعة الانبا انطونيوس الذى احبه البابا وحمل اسمه راهباً. ان قداسة البابا هو القائد والراعى صاحب الرؤية الذى يستطيع ان يقودنا للعبور فى بحر الحياة بمختلف ظروفها لانه رجل الإيمان والرجاء المبارك.
+ الرجاء فى أوقات الشدة والتجارب.. كان قداسة البابا فى كل المشكلات يقول ربنا موجود، وكله للخير، ومصيرها تنتهى. وكان يقول: ( المفروض ان نقول لكل أحد، إن كل باب مغلق له ألف مفتاح، والله يستطيع ان يفتح جميع الأبواب المغلقة. ونقول له ان كل ظلمة لابد بعدها نور، وكل مشكلة لها حل أو عشرات الحلول وكل ضيقة لها إله هو الهنا الصالح الذى يخرج من الجافى حلاوة، ومن الآكل أكلاً، والذى يحول كل الامور الى الخير. ان كل الامور التى تمر بنا فى حياتنا ان كانت خيراً ستصل إالينا خير وان كانت شراً فالله صانع الخيرات يحول الشر الى خير. لابد ان تعلموا انكم فى يد الله وحده، وليس فى ايدى الناس، ولا فى ايدى التجارب والاحداث، ولا فى ايدى الشياطين. انتم فى يد الله وحده). وينصحنا قداسة البابا بالصلاة وانتظار عمل الرب دون ضيق او تذمر او احتجاج. ان كثير من الناس تمر عليهم التجارب والضيقات فتعصرهم ويقعون فى الكآبة الشديدة وربما اليأس ولكن المؤمنين يثقون ان كل الاشياء تعمل معاً للخير فيعشوا فى سلام وفرح فى المسيح، فالضيقات مدرسة للصلاة وتقوية الايمان والنمو فى الخبرة مع الله.
+ الرجاء فى الموت ... الناس عادة ما يكرهون الموت ويرونه سببا للحزن، ويلبسون لأجله السواد ويقابلونه بالدموع والبكاء، غير مدركين انه للخير ايضاً. الموت هو الطريق الى حياة أفضل، والى مستوى أعلى ستؤول اليه البشرية. حيث فى القيامة سنقوم باجساد نورانية روحانية، فى مجد باجساد سماوية يمكنها ان ترث الملكوت. ولولا الموت لبقينا فى هذا الجسد المادى. ويتسأل قداسة البابا : أليس الموت أيضاً يعمل معاً للخير للذين يحبون الله؟. ربما كان قداسة البابا يريد ان ينطلق فى اخر ايامه ليستريح من أتعاب الجسد وتنطلق روحه الى السماء على رجاء القيامة السعيده والحياة التى ليس فيها آلم أو حزن . واذا تألم كثيراً  من مرض الجسد قال للانبا ارميا ايضا صبيحة السبت وهو ذاهب لصلاة القداس ان يبلغ الله انه يريد ان ينطلق وكان ان استجابت السماء فى نفس اليوم، فعلى هذا الرجاء المبارك نودع روح بابا الرجاء.
الرجاء فى الله مريح التعابى.. جاء السيد المسيح ليريحنا من متاعبنا وقال لنا { تعالوا الي يا جميع المتعبين و الثقيلي الاحمال وانا اريحكم} (مت  11 :  28). لكل منا متاعبه الخاصة ، سواء كانت ظاهرة للغير أو مكتومة، روحية أو نفسية أو جسدية أو عائلية أو أجتماعية . والمفروض ان نلجأ الى الرب لانه أعطانا دعوة ووعد . دعوة منه لناتى اليه ووعد ليريحنا من مشاكلنا وهمومنا واحزاننا . ولقد راينا فى قداسة البابا القلب المتسع والانسان المريح وما من صاحب مشكله التجأ اليه الا ووجد عنده حلاً شافيا. كنت اتحدث مع أحد الاباء الذين كانوا أخوة فى دير مارجرجس بالخطاطبة فى نهاية القرن الماضى وتم استبعادهم من الدير فالتجأوا لقداسة البابا وقد قابلوا احد الاشخاص الكبار فقال لهم ان البابا سيقول لهم ترددوا على اديرة أخرى ومن الأفضل لهم ان يذهبوا الى بيوتهم وما ان أقبل قداسة البابا الا وقد استقبلهم مرحباً وأمر ان يقدم لهم الطعام والشراب ثم درس حالتهم وأمر بتوزيعهم على الاديرة العامرة جميعاً . فمضوا فرحين فليس الراعى كالاجير . ومرة قدم قداسته لشخص مبلغ كبير من المال لاجراء عملية جراحية لنقل الاعضاء وعندما لم يوافق الاطباء على عمليه النقل واراد هذا الشخص رد المال رفض قداسته وقال انه للعلاج ومتابعة حالته وصلى له مباركاً اياه فمضى المريض وهو يشكر الله الذى أعطانا اباً مريحاً للتعابى.

كلمات فى الرجاء لقداسة البابا.. ليتنا بدلاً من أن ننظر الى الحاضر المتعب الذى أمامنا، ننظر بعين الرجاء الى المستقبل المبهج الذى فى يد الله ، كل مشكلة تبدو معقدة أمامنا، لها عند الله حلول كثيرة، وكل باب مغلق، له فى يد الله مفتاح بل مفاتيح عديدة فهو الذى يفتح ولا احد يغلق(رؤ7:3).الرجاء يمنع الخوف، ويمنع القلق والأضطراب، ويبعث الأطمئنان. بل أننا نكون { فرحين فى الرجاء} رو12:12. ويوصينا قداسته : لا ننظر الى المتاعب مجردة، بدون عمل الله، الذى يقدر ان يحول الشر الى خير. فالله قادر ان يحول كل مجريات الأمور، فى اتجاه مشيئته.
الذى لا يستطيعه الضعف البشرى، تقدر عليه قوة الله والذى لا تستطيعه حكمة الناس، تقدر عليه حكمة الله. فثق انك لست وحدك، بل انت محاط بمعونة إلهية، وقوات سمائية تحيط بك، وقديسون يشفعون فيك.
لذلك عيشوا باستمرار فى بشاشة وفرح. وفى كل ما يحدث لكم قولوا: اننا تحت رعاية الله محب البشر، الذى يحبنا أكثر مما نحب أنفسنا، والذى يعرف خيرنا أكثر مما نعرفه.

الرجاء وتشجيع صغار النفوس...
+ من كان يظن ... ان طفل يتيم من امه عقب ولادته ثم تيتم من ابيه وهو صغير السن. حتى انه لم يتم استخراج شهادة ميلاد له الا بالتسنين لدى طبيب فى المدرسة وعندها قال للطبيب مازحا : اوعى يادكتور تكتبنى مولود بعد وفاة أمى التى انتقلت فى 6/8/1923م !. هذا الطفل الذى عانى التنقل فى المدارس والاماكن وهو يعيش مع أخيه الأكبر يصل الى كرسى مامرقص الرسول . ان حياة قداسة البابا هو اكبر دليل على عمل الله مع الاناء المختار الذى يطيع عمل الفخارى الأعظم . فلا تقولوا هل يمكن أن يقبل الله حياتى البسيطة الصغيرة التافهة، التى اذا قيست بسير القديسين تكون لا شئ.  لعل الشعور بالحرمان من حنان الام والاب جعل البابا يتعلق بالله كآب سماوى والكنيسة كأم يجد فيها لبن الايمان .ومن أجل هذا صار البابا شنودة رقيقا ومشجعا لصغار النفوس كسيده وربه. الذى اختار داود صغير السن وراعى الغنم ليمسحه ملكاً على شعبه . واختار ارميا النبى الصغير الذى شعر بضعفه وقال للرب { لا أعرف ان اتكلم لانى ولد} (أر6:1).وشجعه الله قائلا له { قبلما صورتك فى البطن عرفتك. وقبلما خرجت من الرحم قدستك . جعلتك نبياً للشعوب} ار4:1-5) لقد هزم الله جليات الجبار بفتى صغير هو داود {انظروا اذا ولا تحتقروا احد هؤلاء الصغار} مت 10:18. وكونوا دائما رسل رجاء وتعلموا من الله الذى يرفع المتواضعين ويخلصهم  كما يعلمنا الكتاب { شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تانوا على الجميع }(1تس  5 :  14).
+ الله لا ينسى تعب المحبة ... ان الله لا ينسى تعب المحبة حتى ان صغرت قيمته فقد مدح السيد الرب فلسى الارمله لانها أعطت من أعوازها . وقال لنا { ومن سقى احد هؤلاء الصغار كاس ماء بارد فقط باسم تلميذ فالحق اقول لكم انه لا يضيع اجره }(مت  10 :  42). ان مجرد كأس ماء بارد، لم تتعب فيه ولم يكلفك شيئاً، هذا لا يضيع أجره.  يقول قداسته البابا شنودة مشجعاً لنا فى عمل الخير: ( هناك اعمال انت تعملها وتنساها لضآلتها، والله لا ينساها. حتى ان كانت فى نظرك بلا قيمة، هى عند الله لها قيمتها. ويكافئك عليها فى اليوم الأخير، وحسن انك نسيتها لتأخذ اجرها كاملاً هناك. لم ينسى الرب لزكا مجرد صعوده على الجميزه ليراه. وناداه ودخل بيته وقال { اليوم حدث خلاص لاهل هذا البيت إذ هو ايضاً ابن لإبراهيم} لو 9:19. وكانت صلاة العشار الذى دخل ليصلى شاعراً بخطيئته باتضاع وانسحاق، جملة واحدة وخرج مبرراً دون الفريسى ( لو9:18-14). فلا تيأس ان كان عملك الروحى ضعيفاً وثمرك قليلاً. ان الله يطلب الكمال، ولكنه لا يطلب منك اكثر مما تقدر عليه. ان الله يضع فى حسابه امكانياتك وظروفك. وهو يقبل منك التدرج.. المهم ان تكون سائراً فى الطريق، وليس ان تكون وصلت الى نهايته. وهو يعطيك الفرصة ويطيل أناته عليك، لكى يقودك الى التوبة ).
كل شئ مستطاع للمؤمن.. الله يستطيع كل شئ ويستطيع ان يعطينا القوة والرجاء والامكانيات لنقول مع بولس الرسول { أستطيع كل شئ فى المسيح الذى يقوينى} فى 13:4 . فكما قال لنا الرب { كل شئ مستطاع للمؤمن} مر23:9. ان كان الشيطان يدفع الناس الى اليأس والى الخوف والتردد والشعور بالضعف لكن الله يدفعنا الى الثقة والرجاء ويبث فينا روح النجاح والقوة والرجاء وهكذا كل من عاشوا فكر الله كما قال البابا المعلم :( الرجاء يعطى قوة على العمل، وعدم التفكير فى الفشل. اننا لا نعترف بالفشل إطلاقاً، مادامت يد الله معنا. وما أكثر قول الله لا تخف او لا تخافوا. انه لم يسمح لموسى النبى ان يخاف من ملاقاة فرعون. ولم يسمح لارميا النبى ان يخاف رغم صغر سنه..ان إيمانك بعمل الله معك يعطيك رجاء).  
النهاية الطيبة ... النهاية الطيبة تجعل الانسان ينسى تعبه ولا يذكر الا النهاية السعيدة التى تعزية، اننا يجب ان نتذكر ابائنا الذين كلمونا بكلمة الله وننظر الى نهاية سيرتهم ونتمثل بايمانهم { اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم} (عب 13 : 7). وقد روت لى سيدة فاضلة يوم العاشر من مارس اى قبل اسبوع من انتقال مثلث الرحمات البابا شنودة منظراً عجيبا . اذ انها فى رؤيا صعدت روحها للسماء لترى شفيعها البابا كيرلس السادس وكثير من القديسين المنيرين وهم وقوف صفوف صفوت وعندما سألت البابا كيرلس عن سبب وقوف هؤلاء القديسين ؟ اجابها البابا كيرلس هولاء جماعة القديسين يستعدون لاستقبال قداسة البابا شنودة الثالث!. ان القديس يوحنا الحبيب فى منفاه فى جزيرة بطمس راى بابا مفتوحاً وعرش موضوع فى السماء وعليه يجلس السيد الرب ووجهه يضئ كالشمس فى قوتها. فلا تنظروا الى متاعب الحياة بل الى عظم المجازاة والى جمال السماء ووعود الله للغالبين ومنها { ومن يغلب ويحفظ اعمالي الى النهاية فساعطيه سلطانا على الامم} (رؤ 2 : 26){من يغلب فذلك سيلبس ثيابا بيضا ولن امحو اسمه من سفر الحياة وساعترف باسمه امام ابي وامام ملائكته} (رؤ 3 : 5).{من يغلب فساجعله عمودا في هيكل الهي ولا يعود يخرج الى خارج واكتب عليه اسم الهي واسم مدينة الهي اورشليم الجديدة النازلة من السماء من عند الهي واسمي الجديد} (رؤ 3 : 12).{من يغلب فساعطيه ان يجلس معي في عرشي كما غلبت انا ايضا وجلست مع ابي في عرشه} (رؤ 3 : 21).{من يغلب يرث كل شيء واكون له الها وهو يكون لي ابنا }(رؤ21 :  7). احبائى عيشوا اذا على رجاء ان الله معنا وان كان معنا فمن علينا، هو الذى قاد الكنيسة أفراد وجماعات عبر التاريخ فى موكب المنتصرين، والله قادر ان يقودنا كابناء وبنات له ويعبر بنا ضيقات الحياة لنصل الى السماء { وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} (1يو 3 : 3).

الثلاثاء، 27 مارس 2012

مسيرة الحب والعطاء للبابا شنودة 3- البابا وحياة الإيمان الواثق


مسيرة الحب والعطاء لقداسة البابا شنودة الثالث

3-  البابا وحياة الايمان الواثق

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

البار بالإيمان يحيا..
+ الإيمان عقيدة تقود الى حياة روحية سليمة .. علمنا قداسة البابا شنودة الثالث ان الإيمان ليس هو مجرد مجموعة من العقائد التى نتلوها فى قانون الايمان المسيحى فقط بل هو العقائد التى تقودنا الى علاقة سليمة بالله، نحب الله ونطيعه وتكون لنا عشرة روحية معه تؤهلنا الى الحياة الدائمة معه فى الأبدية. فلا فائدة للإيمان بالابدية مالم نعد انفسنا بالتوبة والسهر الروحى الدائم . ولا فائدة للإيمان بالفضيلة ان كنا لا نحياها . لذلك عاش رجل الايمان قداسة البابا شنودة الثالث حياة الإيمان العملى والعامل بالمحبة وجمع بين حياة الإيمان العامل بالمحبة وتعليم وشرح والدفاع عن الايمان المستقيم. علمنا ان هناك فرق كبيراً جداً بين الإيمان النظرى الذى لا يخلص النفس والإيمان العملى الذى تظهر ثماره فى حياتنا . وقال لنا ان الايمان الواثق يمنحنا سلاماً لا يتزعزع فى الضيقات ويمنحنا الاطمئنان وعدم الخوف ويجعلنا انقياء السيرة والسريرة. قال قداسته: (المؤمن يشعر دوماً ان الله أمامه يرى ويسمع ويسجل كل ما يعمله. لذلك يشعر بالاستحياء ويخاف ان يخطى أمام الله. حياة المؤمن هى حياة التسليم للمشيئة الإلهية، فى إيمان كامل ان الله صانع الخيرات. وكل ما يسمح به هو للخير، لذلك بالإيمان يعيش اولاد الله فى هدوء وفى رضى بكل ما يريده الرب لهم).
 الإيمان كما عرفه القديس بولس الرسول { واما الايمان فهو الثقة بما يرجى والايقان بامور لا ترى} (عب 11 : 1). كان البابا واثقاً بمن هو مؤمن وعالما انه قادر ان يقوده فى موكب نصرته قال قداسته : ( ان الايمان نختبره بثماره فى حياتنا، فهكذا قال الرب {من ثمارهم تعرفونهم هل يجتنون من الشوك عنبا او من الحسك تينا} (مت 7 :  16).  كل شجرة جيدة تصنع اثماراً جيدة. بهذا نختبر انفسنا ان كان إيماننا له ثمر).
+ الإيمان بالله وصفاته ووعوده ... ان كنا فى الإيمان فلابد ان نثق ان الله أمامنا فى كل حين، ونتصرف وفق هذا الإيمان بان الله يرانا ويسمعنا وان الله وسط شعبه حسب وعده { ان اجتمع اثنان او تلاثة باسمى فهناك أكون وسطهم} (مت20:18). وكما قال لنا { ها انا معكم كل الإيام وإلى انقضاء الدهر}(مت20:28) ويقول قداسة البابا { ما هى حياتنا الروحية يا إخوتى؟ انها ليست سوى انتقال من نطاق المحسوسات إلى نطاق ما لا يرى . ونحن نعيش فى ما لايرى، بملء الثقة أنه الله موجود أمامنا وهذا هو الفرق بين المؤمن وغير المؤمن). يحكى الانبا أنتونى اسقف انجلترا وايرلندا واسكتلندا هذه المعجزة التى حدثت فى 1984م فى نهاية فترة حصار دير الانبا بيشوى وكان هو  الأب المسئول عن البناء فى الدير ليعلن للبابا والانبا صرابامون حاجته العاجلة  لكمية 25 طن اسمنت للبناء. وكانت ظروف الدير صعبة  فقال له البابا ان يطلب من ربنا هو هيبعتلك!، ثم رفع قداسته عصا الرعاية وكأنه يمسك بعصا موسى التى تصنع المعجزات ونظر الى فوق وكتب فى السماء 25 طن اسمنت ثم سأل الاب ايه نوعهم يا أبونا؟ قال له بورتلاندى عادى يا سيدنا !. كتب البابا بورتلندى عادى وقال له البابا: عاوز حاجه تانى ولا اوقع؟  فاجابه شكرا دا اللى عاوزينه. ووقع قداسة البابا بامضائه فى السماء!  وما هى الا ساعات قلائل الا واتت عربة نقل تحمل 25 طن اسمنت بورتلاندى . وعندما اخبر الاب المسئول قداسة البابا بان الاسمنت وصل قال البابا مازحاً : مش كنت تطلب حديد يا ابونا ؟!. هكذا كان الباب يحيا الثقة بوعود الله ويثق فى بركة الله وعمله فى الكنيسة وتسديد أحتاجاتها سواء من الله مباشرة او التى تاتى من الاباء والوالدين ورضائهم وبركتهم على الابناء ويقول ( نحن نؤمن بالبركة مع انها لاترى، ونسعى فى طلبها ونوالها وناخذها من أيدى الآباء والامهات ومن الاباء الكهنة ومن رجال الله المباركين. ونعرف تماماً أن آبرام كان بركة للعالم حسب قول الرب وان يوسف الصديق كان بركة فى بيت فوطيفار وبركة فى كل ارض مصر، وأن إيليا النبى كان بركة فى بيت أرملة صرفة صيدا) ونحن ايضا نعرف ان قداسة البابا كان بركة بيننا وستظل بركته على مدى الأجيال لشعبه وكنيسته ومحبيه.
+ حياة الإيمان لا تعرف المستحيل.. حياة الإيمان لا ترى شئياً مستحيلاً على الرب بل كما يقول الإنجيل { كل شئ مستطاع للمؤمن} مر23:9. لذلك فان المؤمن لا يهتز فى أية ضيقة تحل به ويؤمن تماماً ان الله عنده حلول كثيرة، وانه سيتدخل ويصنع مشيئته . لذلك فالمؤمن لا يجادل ولا يناقش الله فيما يفعله، بل يقبل كل شئ بثقة كاملة فى حكمة الله ومحبته. هكذا مرت على البابا التجارب والضيقات الكثيرة وكرجال الايمان القديسين كان يحيا الثقة فى عمل الله وعندما اذاد حسد الرئيس الاسبق السادات للبابا شنودة وتفاقم شره وقرر عزله واستبعاده الى دير الانبا بيشوى فى 5 سبتمبر 1981م، غضب وحزن الاقباط على التدخل السافر ضد الكنيسة من أعلى الهرم السياسى للسلطة فى مصر ضد ابيهم وراعيهم حتى ان الانبا دوماديوس مطران الجيزة السابق قال للسادات : لماذا تستبعد البابا وتشعرنا باليتم وابينا حى!؟ لكن وجدنا البابا واثقاً من الله الأمين فى عمل الخير. وكان يقول ان الضيقة ستعبر بسلام ولقد تنبأ له البعض بحادث المنصة الشهير الذى تم فيه أغتيال السادات والذى انتقل فيه نيافة الانبا صموئيل اسقف الخدمات الذى عينه السادات فى اللجنة الخماسية لتدير شئون الكنيسة وكأن البابا كان يرى بعين الايمان ما لا يرى وان الرب قد حفظ لنا البابا من الاغتيال بقرار عزله واستبعاده. هذه هى عين الايمان التى ترى ان الذين معنا أكثر من الذين هم علينا كما قال اليشع النبى لتلميذه جحزى عندما حاصرت جيوش ارام اليشع لتأسره { فبكر خادم رجل الله وقام وخرج واذا جيش محيط بالمدينة وخيل ومركبات فقال غلامه له اه يا سيدي كيف نعمل. فقال لا تخف لان الذين معنا اكثر من الذين معهم. وصلى اليشع وقال يا رب افتح عينيه فيبصر ففتح الرب عيني الغلام فابصر واذا الجبل مملوء خيلا ومركبات نار حول اليشع. ولما نزلوا اليه صلى اليشع الى الرب وقال اضرب هؤلاء الامم بالعمى فضربهم بالعمى كقول اليشع} 2مل 15:6-18. كان البابا رجل إيمان مكشوف العينين فالمؤمن ينظر دائما الى ما لايرى أكثر من المرئيات { لان الاشياء التى تُرى وقتية، أما التى لا ترى فأبديته} (2كو18:4). هكذا كان قداسته  من أبطال الايمان الذين عاشوا حياة الإيمان القوى الحى العامل بالمحبة وعلموه ودافعوا عن الإيمان المستقيم المسلم لنا من رجال الله القديسين .
+ حاجتنا للإيمان وضرورته لنا طوال الحياة .. ان الإيمان ضرورة لازمة للخلاص { من آمن وأعتمد خلص } مر16:16. الإيمان بدء الطريق الموصل الى الله ويلازمنا طوال الحياة وبه نحيا وننمو فى الأبدية، لانه كما يقول قداسة البابا: ( كيف يمكن ان تثبت فى الله والله فيك، وكيف يمكنك أن تسير مع الله وتحفظ وصاياه، ان لم تؤمن اولاً بوجوده وبصفاته الإلهية وتؤمن بكتابه وبكل ما جاء فيه). ولعل أهميته الإيمان تظهر فى قول القديس بولس الرسول { بدون إيمان، لا يمكن إرضائه} (عب 6:11).
الإيمان هو بدء الحياة مع الله، وهو رفيق الطريق طوال هذه الحياة، لذلك هو ضرورة للتبرير فدم المسيح قادر ان يخلص كل أحد ولكنه لا يخلص أحد بدون إيمان .
+ الإيمان عنصر أساسى لصنع المعجزات وتقبلها.. لهذا قال الرب لأعمى اريحا {إيمانك قد شفاك} (لو42:18). وقال الرب للمرأة نازفة الدم { ثقى يا ابنة: إيمانك قد شفاك}(مت 22:9). ومن ناحية اخرى نرى السيد الرب لما جاء الى وطنه { لم يصنع هناك قوات كثيرة لعدم ايمانهم } (مت 58:13). هكذا راينا فى قداسة البابا الإيمان الذى يصنع المعجزات فى احدى المرات فى 1993م اتت اسرة فى ثقة باحد افرادها وكان قد اصيب بشلل رباعى نتيجة وقوعه على ظهره وانكسار عموده الفقرى وانقطاع النخاع الشوكى وبقوا حتى طلبوا صلوات قداسة البابا ولما كان المقر البابوى فيه الكثير من الضيوف طلب قداسة البابا من نيافة الانبا صرابامون ان يذهبوا به الى المنطقة الصناعية حيث الهدوء مساءاً فى الشتاء وأقبل اليهم قداسة البابا وصلى صلاة الإيمان فاذ بالمفلوج المحمول على سريره يتعافى ويقوم ويمضى الى بيته. ان قوة الإيمان تصنع الأعاجيب كما يقول قداسة البابا ولكنها تنتظر إيمانك. وحسب إيمانك يعطيك الله ولهذا فان المعجزات تحدث مع البعض، ولا تحدث مع البعض الأخر، مع ان قوة الله هي هى.  فماذا عن الشخص ضعيف الإيمان؟ يقول قداسة البابا: ( هذا عليه ان يصلى مع أبى الولد الذى عليه روح أخرس قائلاً { أؤمن يا سيد فأعن عدم إيمانى} مر24:9. ففى غالبية الاحيان يصنع الله المعجزة بحسب الإيمان ولكن فى احيان أخرى يصنع الله المعجزة لكى نؤمن. ان الايمان قوة فيكفى ان يؤمن الانسان بفكرة فتراه يعمل بقوة المسيح لكى ينفذها فالايمان يعطى عزيمة وإردة وجرأة ما كانت عند الانسان من قبل ).
+ الرئيس الامريكى يصف البابا برجل الإيمان العميق.. لقد ترك أنتقال قداسة البابا للسماء تأثيراً كبيرا فى نفوس شعبه ومحبيه وشهد له زعماء العالم عن عمق إيمانه بالله وقد رثاه الرئيس الامريكى باراك اوباما معزياً الكنيسة والشعب القبطى قائلاً ( ميشيل وأنا نشعر بالحزن لما علمنا به من رحيل البابا شنودة الثالث، الزعيم الروحى المحبوب للأقباط المسيحيين فى مصر وداعية التسامح والحوار الدينى. ونقف جنبا إلى جنب مع المسيحيين الأقباط والمصريين وهم يكرمون إسهاماته من أجل دعم السلام والتعاون. سوف نتذكر البابا شنودة الثالث كرجل للإيمان العميق، وزعيم لدين عظيم، وداعية للوحدة والمصالحة.  والتزامه بالوحدة الوطنية فى مصر يمثل دليلا على ما يمكن إنجازه عندما يعمل الناس من جميع الأديان والعقائد معا. وقال أوباما:  باسم الشعب الأمريكى، نقدم صلواتنا ودعاءنا للمسيحيين الأقباط والمصريين، وجميع أولئك الذين حزنوا اليوم على وفاة البابا شنودة الثالث). وابرزت غالبية الصحف المصرية والعربية والعالمية خبر انتقاله فى صفحاتها الاولى ووصفت بعض الصحف جنازته بانها جنازة القرن .

كيف نقوى إيماننا ...
+ ثق فى صفات الله ووعوده ... قداسة البابا شنودة عاش وعظ وكتب مقوياً إيمان شعبه ويقول لنا ان الايمان كسائر الفضائل يمكن ان يقوى أو يضعف وعلينا نحن ليس فقط ان نحفظ إيماننا وانما أيضاً أن نسلك فى كل الوسائل التى تجعله ينمو ويذداد. ومن الوسائل التى تجعل إيماننا يقوى ويذداد ان نثق فى صفات الله ووعوده فيجب ان نضع فى قلوبنا ان الله صانع الخيرات وثق انه أب محب يعامل ابنائه بحنان ويعطيهم عطايا صالحه وثقوا ان الله قادر على كل شئ وهو يحبكم ويريد لكم الخير وقادر على صنعه لكم وكذلك يجب ان تثقوا فى حكمة الله وبان كل تدابيره صالحة حتى لو كنا لا نفهم أعماق هذه الحكمة .ويقول قداسته :( ان آمنت بحكمة الله، تعيش فى سلام وتقبل كل شئ برضى فقل لله : انا أثق يارب بحكمتك وحسن تدبيرك، وان كان فهمى عاجزاً، لابد اننى ساعرف بعد حين ما قصدته بى كما عرف يوسف الصديق). وثق فى وعود الله الصادقة الذى وعد قديماً ايليا النبى انه سيعوله حتى فى وقت المجاعة وأعاله. ووعد انه سيسكب روحه على كل بشر وفعل ذلك يوم الخمسين ومازلنا هياكل لروحه القدوس(اكو16:3). فوعود الله كلها صادقة وقد وعدنا انه معنا كل الايام {وها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين} (مت 28 :  20). وينصحنا قداسة البابا قائلاً : ( ليتك ايها القارئ المحبوب تجمع كل وعود الله وتقرأها باستمرار وتقول لنفسك لابد ان يكون الله صادقاً فى وعوده وبالتالى لابد ان تعيش سعيداً بهذه الوعود الإلهية وتطمئن نفسك ويقوى إيمانك).  لا تنظروا الى الظروف المحيطة بكم وصعوبتها اذن أو لقوة أعدائكم، أنما انظروا الى الله الذى ينقذكم منهم وأطلبوا الله الذى { يخلص شعبه من خطاياهم} مت 21:1
+ التعلم من قصص ورجال الايمان.. عندما اراد الله ان يعطينا دروساً فى الإيمان قال لنا { انظروا الى طيور السماء انها لا تزرع ولا تحصد ولا تجمع الى مخازن وابوكم السماوي يقوتها الستم انتم بالحري افضل منها. ومن منكم اذا اهتم يقدر ان يزيد على قامته ذراعا واحدة} مت 26:6-27 .يقول قداسة البابا شنودة :( فى إحدى المرات فعلت كما أمر الرب، ونظرت إلى عصفورة فى حقل الدير. فوجدت أمامها الكثير من الحبوب. ولكنها التقت عدد من الحبات وتركت الباقى وطارت ولم تجمع الى مخازن ! كما قال الرب وكانت واثقة أنها فى كل مكان تحل فيه، سيرزقها الله قوتها. فلماذا تخزن إذن؟ ولماذا تترك الجو العالى الفسيح، وتبقى الى جوار الحبوب لتخزن). كلما نقرأ عن قصص الإيمان ورجاله ومعجزاته مع قديسيه يمتلى قلبنا إيماناً وكلما نعاشر رجال الإيمان نتعلم منهم ونتمثل بإيمانهم لذلك قال احد الآباء ( شهية هى أخبار القديسين). ونحن يجب ان نتعلم من رجال الايمان ونقتدى بايمانهم .
+ الخبرة مع الله وصداقته والصلاة اليه .. يطالبنا البابا شنودة بان نلقى بانفسنا فى دائرة الله وان نعيش معه ونختبره ونجرب الأتكال عليه، وحينئذ سنرى عجائب من عمله معنا. فلا يجب ان نحصر انفسنا فى دائرة الفكر والاعتداد بالذات فالانسان المتضع يقبل بالإيمان كل ما يحدث معه بشكر بعد ان يصلى ويعمل ما يجب ان ينبغى عمله فى كل أمور الحياة . يجب اذن ان نختبر عملياً وجود الله فى حياتنا وكما قال داود النبى { ذوقوا وأنظروا ما أطيب الرب} مز 8:34.
ليكن الله صديقا لنا فى رحلة الحياة هكذا أوصى قداسة البابا ويقول:( كثيرون ينظرون الى الله كمجرد رب أو سيد. ولكن هل نظرت اليه أيضاً كصديق ومحب، تثق به وبمحبته وبإخلاصه لك، انه يقرع على بابك، ويطلب اليك ان تفتح له كصديق، فيدخل ويتعشى معك وانت معه(رؤ20:3). ان قبلت صداقته الله ومحبته، ستدخل فى الإيمان الحقيقى. وتشتاق الى رؤياه كصديق، وتحكى له أسرارك وتتمتع بعشرته ومحبته وتحرص كصديق له الأ تخدش شعوره أو تغضبه. وهو نفسه سيكشف لك أسراره، كما كشف لابراهيم. ان الله يريدك إذن هكذا، لانه قال {لا اعود أسميكم عبيداً .. بل أحباء} يو 15:15. اتخذ الله كصديق أو كأب، تؤمن بأبوته ومحبته ، وكما تؤمن بسلطانه وقدرته. حدثه عن أسرارك ويحدثك عن أسراره ).
اطلبوا وصلوا من اجل إيمانكم فى الصلاة لكى ينمو ويذداد وتواضعوا تحت يد الله فانه يعطى نعمة للمتواضعين ولنبتعد عن الانانية والخطية ومعاشرة الشكاكين فان كانت معاشرة رجال الإيمان تقوى إيماننا فان معاشرة الملحدين وقليلى الإيمان بمداومة تغرس الشك وعدم الايمان فى العقول والقلوب وليكن لنا الشخصية القوية التى تؤثر فى الغير ولا تتأثر  بانحرافاتهم وماديتهم وشكوكهم . فلا تنقادوا وراء الشهوات أو ضلالات الشياطين او الشكوك . وليكن لكم الإيمان القوى العامل بالمحبة كما يوصينا الكتاب {اسهروا اثبتوا في الايمان كونوا رجالا تقووا }(1كو 16 : 13). واذ نتبرر بالايمان يكون لنا سلام مع الله { فاذ قد تبررنا بالايمان لنا سلام مع الله بربنا يسوع المسيح }(رو 5 : 1).

نشكر الله واليه نصلى ...
+ اننا نشكر الله على عطيته التى لا يعبر عنها وعلى ايمان وحياة وتعاليم ابينا قداسة البابا شنودة الثالث ومتعلمين من حياته وانتقاله للسماء ، وكما علمنا الكتاب المقدس قائلاً {اذكروا مرشديكم الذين كلموكم بكلمة الله انظروا الى نهاية سيرتهم فتمثلوا بايمانهم }(عب 13 : 7) . نتذكر نهاية سيرتك الطيبة ونتمثل بايمانك الواثق فحتى  فى لحظاته الاخيره نظر قداسة البابا كما قال قدس الاب بولس الانبا بيشوى الذى كان من الملازمين له حتى أخر لحظات حياته  لالهنا المتجسد والمعلق على الصليب الموضوع أمامه وناجاه قائلاَ انى اشكرك على حياتى واقول لك انه ما بقى فى هذا الجسد قوة للبقاء واريد خلع الخيمة لأكون هناك معك فى السماء . ثم انطلقت روحه الطاهرة الى سماء المجد .
+ لقد تركت لنا يا ابانا القديس ميراث عظيما من الكتب الروحية ومن العظات المشجعة ومن حياتك وسيرتك  ومسيرتك الإيمانية الطيبة العطرة، فاننا تتلمذنا ومازلنا نتتلمذ ونتعلم من كتاباتك وعظاتك ومحبتك وعطائك ونقتدى بك.  فقد كنت رسولا من الله بيننا وسفيرا ونورا من السماء، وستبقى عظاتك تجذبنا الى الله وتقودنا فى الطريق وسنبقى أوفياء لك ولابائنا الذين كلمونا بكلمة الحياة { لتذكروا الاقوال التي قالها سابقا الانبياء القديسون ووصيتنا نحن الرسل وصية الرب والمخلص} (2بط  3 :  2).

الاثنين، 26 مارس 2012

البابا شنودة الثالث مسيرة حب وعطاء (2) المحبة فى حياته وتعاليمة




للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
البابا المحب لله ...
+ قدوة صالحة وميراث عظيم وكنوز لا تفنى من العظات والكتب تركها لنا قداسته..     فلم يترك أحد عبر التاريخ الحديث، عظات ذهبية مكتوبة ومسموعة ومرئية مثلما ترك  قداسة البابا شنودة، والذى جال يبشر بتعاليم وقيم السيد المسيح عبر مسيرة حياته ومنذ ان بدء يخدم الاولاد الصغار، كان يحب ان يخدم الجميع لاسيما التلاميذ الصغار الذين لا يود غيره خدمتهم لكونهم مشاكسين ويجذبهم بالمحبة الى الله ويعدل من سلوكهم ويحررهم ويستغل نشاطهم الذائد فى العمل الروحى منذ ان كان طالباً  جامعياً فى جامعة فؤاد الاول قسم التاريخ بكلية الاداب بالقاهرة فى 1943م  ودارس للاهوت وخادم يخدم فى مدارس الاحد ثم طالبا للاهوت ووعاظاً وخادماً امينا. وعبر عن محبته لله فى اشعاره التى كتبها فى شبابه المبكر، ثم من محبته لله ذهب دير السريان ليحيا حياة المحبة لله ويمارسها فقد تمت رسامته راهبا باسم الاب أنطونيوس السريانى حبا فى أب الرهبان فى18/7/1954م على يد الانبا ثاؤفيلس وكان قد تتلمذ على اب قديس هو القمص ميخائيل ابراهيم وشرب محبة الله من ارشاد سلفه العظيم القمص مينا المتوحد الذى صار البابا كيرلس السادس.
+ من اجل محبته لله عاش وعمل وعلم ... فقد دخل الى حياة الوحدة عقب رهبنة بسنتين وكان يقضى الليل فى صلاة وسجود وعمل وبحث وترجمة للكتب الروحية والنسكية وكان له الصلة القوية بالله كرجل صلاة . ذات مرة ذهب اليه الاب صرابامون السريانى الذى سامه البابا بعد ذلك فى سنة 1973 اسقفا ورئيس لدير الانبا بيشوى ، بالماء وبعض البقول والخبز وكان يحملها على جمل واراد ان يسأله عن بعض الامور الروحية وترك الجمل خارج المغارة واخذهما الحديث وعندما هم بالرحيل  لم يجدا الجمل فقد اختفى فى الصحراء وطمأن الاب انطونيوس صديقه فبعد رحلة بحث فى الصحراء اقبل القديس مارمينا يجر اليهم الجمل ثم يختفى . وعندما دُعى من الله ليكون أول أسقف للكلية الأكليريكة والتعليم فى سبتمبر 1962م لم يكف عن محبة الله واشعالها فى النفوس، فالانسان المتذوق لمحبة الله يريد ان يشعل العالم كله حبا. وكما قالت النفس البشرية فى سفر النشيد {اجذبني وراءك فنجري .. نبتهج ونفرح بك نذكر حبك اكثر من الخمر بالحق يحبونك} (نش 1 : 4). هكذا كان قداسة البابا سفير المحبة الالهية على الارض والداعية اليها وكل من سمعه راى فيه المحبة العاملة والمتأملة والتى تقول ذوقوا وانظروا ما أطيب الرب. واستطاع قداسته ان يجمع بين الخدمة ومحبة الوحدة وحياة النسك . فحتى بعد ان ترك الدير للخدمة وبعد ان صار بطريركاً كان يقضى  كاول بابا وبطريرك للكنيسة القبطية نصف اسبوعه فى القاهرة والاسكندريه فى الخدمة ومتابعة شئون الكنيسة والنصف الاخر فى مقره فى دير الانبا بيشوى بالصحراء وكنت تراه يسير فى الدير كواحد من الاباء فى تواضع ووداعه القديسين وبقى هكذا حتى وقت قريب عندما ضعف الجسد وكثرت الامراض واذدادت المسئوليات  فى العقد الاخير من حياته .
المحبة لله والغير كصدى لمحبة الله لنا
+ المحبة قمة الفضائل .. هكذا عاش البابا شنودة الثالث يعلم عن عظمة محبة الله لنا { الله محبة ومن يثبت في المحبة يثبت في الله والله فيه} (1يو 4 :  1). وكان البابا يدعو فى كل تعاليمه على نهج معلمه الصالح الى محبة اللة وان نحب بعضنا بعضا. وهذا ما علمه الرب عندما سأله واحد عن أعظم الوصايا أجابه قائلاً { وساله واحد منهم وهو ناموسي ليجربه قائلا. يا معلم اية وصية هي العظمى في الناموس. فقال له يسوع تحب الرب الهك من كل قلبك ومن كل نفسك ومن كل فكرك. هذه هي الوصية الاولى والعظمى. والثانية مثلها تحب قريبك كنفسك. بهاتين الوصيتين يتعلق الناموس كله والانبياء} مت 35:22-40. والمحبة كما قال قداستة البابا هى جامعة لكل الفضائل { وأما غاية الوصية فهى المحبة، من قلب طاهر وضمير صالح  وإيمان بلا رياء} (1كو 1:13-3). ان المحبة المطلوبة منا هى صدى لمحبة الله لنا { فى هذا هى المحبة . ليس اننا نحن أحببنا الله، بل ان الله قد أحبنا وقد ارسل ابنه كفارة لخطايانا} (1يو 10:4). يقول قداسة البابا : ( ان الله قد أحبنا قبل أن نوجد، ومن اجل ذلك أوجدنا. فوجودنا هو ثمرة محبة لله. حينما كنا فى عقلة فكرة وفى قلبة مسرة) .
+  الله ومحبته كهدف روحى فى حياتنا ... اننا يجب ان نسعى الى معرفة الله ومحبته والاتحاد به كهدف روحى لحياتنا. كتب قداسة البابا فى شبابه المبكر قائلا : (لماذا أصوم؟ ولماذا اصلى؟ ولماذا أقرأ؟ هل لكى اصبح رجل صلاة، أو رجل صوم أو خلوة أو معرفة ؟ هل اريد ان تكبر نفسي، أو أن أكبر فى عينى نفسى، عن طرق النجاح والنبوغ فى هذا الطريق؟ هل أنا أحب الله ذاته، أم أحب الطريق الذى يوصل اليه؟ وتسأل قداسته قائلا هل اصلى من أجل لذة ومتعة الحديث مع الله وحلاوة الوجود فى حضرته أم من أجل أن أكتسب فضيلة أصل بها الى الحياة الاخري؟ وهل الصلاة فى نظرى هدف فى ذاتها أم مجرد وسيلة ؟ يجب قداسته قائلا ومعلماً ان كنت أثور على انسان عطل خلوتى وصلاتى ومن اجل الصلاة والخلوة، افقد سلامى الداخلى، وافقد سلامى مع الناس، وبالتالى يتعكر قلبى وافقد سلامى مع الله أيضا، اذن فقد اصبحت الصلاة هدفاً لا وسيلة، وفى سبيل هذا الهدف قد انحرف واخطى !. ان العبادة هى مجرد طرق يوصل الى الله، ولكن الهدف هو الله ذاته. والمحبة طريق والخدمة طريق ولكن واحداً هو الهدف، أعنى الله .. لماذا اذن نفقد الله من اجل المحافظة على الطريق الذى يوصل اليه ؟! . اننا نحب الصلاة والحديث مع الله لانها تقودنا الى الله. ثم يخلص قداسته فى نهاية الامر للقول : الكمال هو ان يكون طريقنا الى الله هو الله لانه ذاته هو الطريق ).
+ السيد المسيح جعل المحبة كعلامة يتميز بها تلاميذه... وكانت المحبة هى آخر وصية طلبها منا الرب { وصية جديدة انا اعطيكم ان تحبوا بعضكم بعضا كما احببتكم انا تحبون انتم ايضا بعضكم بعضا. بهذا يعرف الجميع انكم تلاميذي ان كان لكم حب بعض لبعض} يو 34:13-35. بل نجد ان القديس يوحنا الحبيب يجعل المحبة علامة للميلاد من الله فقال { كل من يحب فقد ولد من الله ويعرف الله. ومن لا يحب لم يعرف الله، لان الله محبة } 1يو 1:7-8. لقد أحب المسيح شعبه وبذل ذاته فداءا عنه وهكذا تعلم البابا شنودة من سيده واحب شعبه وقضى سنة حياته يناضل من أجل تعليمنا محبة الله وكان قائداً ذو رؤية ثاقبة وتواضع جم ومحبة روحية خالصة تسعى لخلاص كل أحد وهكذا احبه شعبه وتقاطرت الالف المولفة لحضور جنازنه حتى ان البعض اربعة قد ماتوا من شدة التزاحم  من أجل الوصول الى الكنيسة  التى كان جثمانه الطاهر مسجى فيها لالقاء نظرة الوداع عليه . كما تابع الملايين عبر شاشات التلفاز من مختلف القارات جنازة القرن كما اسمتها الجرائد المصرية وغيرها من وسائل الاعلام . لقد كان البابا شنودة وسيبقى سفير المحبة ورجل السعى الى السلام والوحده بين كل ابناء الشعب المصرى . عانى البابا اليتم من امه عقب ولادته بثلاثة أيام وعانى انتقال ابيه فى الصغر ولكن نعمة الآب السماوى غمرت قلبه وأضاءت حياته فاعطى حياته لله والكنيسة والوطن ولهذا اصبح سفير للسماء ونورا للعالم وسيرة عطرة نتعلم منه فى حياته وحتى فى انتقاله للسماء تعلقت الملايين به وسنظل ننهل من بحر تعاليمه وسيرته العطرة .
+ الدين رحلة حب نحو الله والناس ...  ان الدين هو مسيرة محبة نحو قلب الله وتعبر فى طريقها ويعبر عنها فى محبة الناس وخدمتهم، فالمحبة كما قال عنها القديس بولس الرسول هى رباط الكمال{ وعلى جميع هذه البسوا المحبة التي هي رباط الكمال }(كو  3 :  14). فهى الرباط المقدس الذى يربط الناس بالله وهى جوهر الدين والتدين . ونحن لا نستطيع ان نصل الى محبة الله دون ان نحب الناس ولهذا نجد الانجيل يعلمنا  { الذى لا يحب أخاه الذى يبصره، فكيف يحب الله الذى لا يبصره} 1يو20:4. ان محبتنا للناس تنتج عنها العديد من الفضائل: تلد الثقة والتعاون، والعطاء والبذل، والصداقة والتضحية، والسلام مع الغير. وتجعل الانسان يضحى ويحتمل ويبذل من أجل راحة الآخرين وسعادتهم وهكذا كان قداسة البابا، فكما عمل وعلم قداسته قائلاً : (المحبة هى خروج من الذات وانانيتها . بحيث ينسى الانسان ذاته ليربحها، فلا ينحصر الانسان فى مصلحته وانانيته انما فى داخل قلوب الناس ويحيا لاجل الغير وعمل الخير ويري الانسان ان خير الغير هو خير له وهكذا عاش ابينا البابا شنودة الثالث فملك على قلوبنا بمحبته وقادنا الى محبة الله والغير والخير ).

المحبة فى العلاقة بالناس وعمل الخير

+ بالمحبة عاش البابا ... المحبة هى الاصل فى العلاقة بين الله والانسان، وبين آدم وحواء ونسلهما بل وبين الانسان والحيونات وفى ظل المحبة لم يكن فى طبع الحيونات الوحشية أوالافتراس ولم يعمل الانسان على قتل او اصطياد الحيونات وهكذا عاش الانسان مع كل اشكال الحيونات والطيور حتى عصر نوح وفى الفلك . المحبة هى الاصل والبغضة دخيلة على الطبع البشرى بسبب الطمع والانانية والكراهيته وعمل وحسد ابليس . هكذا عاش ابائنا المتوحدين فى الصحراء مع الوحوش فى آلفة وعدم اعتداء بل خضعت لهم الوحوش فنسمع عن اسدين ياتيا للانبا انطونيوس ليقوما بنبش واعداد مكان ليوارى فيه جسد الانبا بولا أول السواح فى منتصف الفرن الثالث الميلادى، وكما قال احد الاباء ان الطاعة والتواضع يخضعان لنا الوحوش ، كان قداسة البابا كيرلس السادس فى وحدته تتألف معه حتى الوحوش والزحافات من حيات وعقارب وهكذا عاش البابا شنودة فى مغارته فى الصحراء بل استطاع بمحبته ان يحول كثيرا من الذين هم ضده الى اصدقاء.
+  المحبة فضيلة عظمى ... يعلمنا الكتاب ان المحبة هى أعظم الفضائل وكل فضيلة خالية من المحبة ليس فضيلة حقيقية ، هكذا ان لم يكن عطائنا للفقراء فيه محبة فهو ليس شئ. هكذا كان قداسة البابا كما شهد عنه المقربين منه لاسيما فى لجنة البر كل خميس التى كان يحرص على خدمتها بنفسه فكل الحالات التى كانت تصل اليه كان يقدم لها أكثر مما تطلب وكان المحتاجين يشعرون بمدى حرصه على خدمتهم وارضائهم كمن يرضى الله وهذه هى الديانته الطاهرة الكاملة  المرضية لدى الله الآب. فهو الذى قال : (ان الله فى يوم الحساب، سيفحص جميع فضائلنا ويكافئنا فقط على ما فيها من حب. اما الفضائل الخالية من الحب فليس محسوبة لنا بل أخشى ان تكون محسوبة علينا. فالمحبة تدخل فى كل وصية حسب قول الكتاب {لتصر كل أموركم فى محبة}1 كو14:16. فان وصلت الى المحبة تكون قد وصلت الى الله  واذا ملكت محبة الله على قلبك فانها تطرد منه الخطية وتطرد الخوف).
+ نقص المحبة يولد الرذائل ... ان كانت المحبة لها قوتها ولا تنهار {المحبة لا تسقط ابداً } 1كو8:13. فان نقص وضعف المحبة يولد البغضه والكراهية والعداوة والغضب والحقد وقد يتطور الى اشاعة المذمة أو القتل والكبرياء والقسوة وكلها اعمال ابليس الذي كان قتالاً من البدء وهو كذاب وابو كل كذاب.  كما ان نقص محبتنا لله يقود الى السقوط واهمال الصلاة والبعد عن الله والكنيسة وعدم الشعور بوجود الله والهروب منه .
+ كانت حياة السيد المسيح وتجسدة مسيرة حب من الله نحو الانسان وكل معجزاته وأعماله كان يفعلها من اجل محبته وتحننه وهكذا على خطاه كانت مسيرة حياة قداسة البابا مسيرة محبة وبذل وكانت المحبة هى الدافع لخدمته القوية ومن اجل المحبة نجحت الخدمة ونمت وأمتدت وكما يقول قداسته (الاصل فى الخدمة هو ان نحب الله وملكوته وابنائه وبناته ونريد ان يحبوا الله ونبذل كل جهد لنقوم بعمل المحبة نحوهم ) وهذا  ما رايناه فى راعى رعاة كنيستنا فليذكر له الله تعب محبته وعطائه من أجل خدمة الكنيسة وشعبها وبلاده واستقرارها وسلامها .

السبت، 24 مارس 2012

قداسة البابا شنوده الثالث والقيم المصرية الاصيلة




القيم المصرية الاصيلة والرجل القمة

قداسة البابا شنودة الثالث
للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
أنطلق للسماء صاحب كتاب أنطلاق الروح
+ أخيرا وبعد أربعين عاما واربعة اشهر وثلاثة ايام من سيامته بابا وبطريرك ورئيس الكنيسة القبطية المصرية والتى تعد من أقدم الكنائس فى العالم والتى اسسها القديس مارمرقص الرسول من منتصف القرن الاول الميلادى والذى يعد البطريرك 117 من سلسلة بطاركتها العظماء، انطلقت روح صاحب كتاب أنطلاق الروح مثلث الرحمات  قداسة البابا شنودة الثالث  وبعد معاناة مع المرض ومن معاناة الانزلاق الغضروفى منذ كان متوحدا فى ستينيات القرن الماضى، ثم معاناة الفشل الكلوى منذ خمس سنوات وبعد ان ضعف الجسد عن مقاومة المرض الخبيث،استراح أخيراً. ففى الخامسة  مساء السبت الموافق 17/3/2012 ومع اقتراب عيد الصليب المقدس الذى احبه وحمله قداسته. فقد احتمل صليب المرض ونال أكليل البتولية والرهبنة  ونال أكليل رئاسة الكهنوت المقدس  ونال أكليل الجهاد الحسن كما قال القديس بولس الرسول { قد جاهدت الجهاد الحسن اكملت السعي حفظت الايمان. واخيرا قد وضع لي اكليل البر الذي يهبه لي في ذلك اليوم الرب الديان العادل وليس لي فقط بل لجميع الذين يحبون ظهوره ايضا }(2تيم 7:4-8 ).  أنطلقت روح قداسة البابا الى السماء ليستريح ويكون لنا سفيراً هناك ليس للكنيسة القبطية فقط بل ولمصر كلها والعالم باجمعه فنادراً ما يمن علينا الزمان بشخصية تتمتع بكل الصفات التى تحلى بها واجتمعت في قداسته .
+  رقد فى الرب  قداسة البابا شنودة المعلم والذى يعد من أشهر بطاركة الكنيسة فى العصر العصر الحديث . فهو كان يعقد ثلاثة اجتماعات اسبوعيا واحد لكل الشعب والاخر لدارسى اللاهوت، وأخر فى الاسكندرية بالاضافة الى العظات فى المناسبات واللقاءات المختلفة والمستمرة.  فمنذ ان استدعاه طيب الذكر المتنيح البابا كيرلس السادس لمقابلته فى القاهرة فى25/9/1962. وعندما هم للخروج ونيل بركة البابا كيرلس وضع البابا يده على راس الاب انطونيوس السريانى قائلا : "ندعوك يا شنودة اسقفاً للكلية الاكليريكية والمعاهد الدينية والتعليم" . وعلى مدى نصف قرن لم يكف عن الاهتمام بالتعلم والتعليم والتلمذة على كتب الاباء وغيرها من فروع المعرفة  والبحث فهو كان مؤمنا باهمية حياة التلمذة والتعلم المستمر، وكان يوصى ابنائه بالقراءة والصلاة مع العمل بما نقرأ فى ممارسة روحية سليمة. ولمحبة للتعليم انشأ فى مصر ثمانية من كليات للاهوت لتخريج الكهنة والخدام المؤهلين روحيا وعلمياً كما انشاء  ثلاثة كليات لاهوتية فى كل من انجلترا وامريكا واستراليا ،  وكان رجل نسك وزهد وصلاة وصلة عميقة بالله وعلاقة طيبه بكل من يلتقيه، ذو نظرة ثاقبة وروح وثابه وعقل مفكر ومرتب وحتى يومه الاخير لم تخنه الذاكرة والذكاء والحس المرهف بالآم وحاجات المحتاجين  والضعفاء ومرعاة نفسيات الجميع من مختلف الفئات والاعمار والاذواق والاديان.
+  ولد "نظير جيد"  الذى  ولد فى 3/8/1923م. فى قرية "سلاَم بمركز منفلوط"  وتوفت امه عقب ولادته بثلاثة أيام فرضع لبن امهات واخلاق أهل القرية المسلمين قبل المسيحيين فأمن بوحدة ابناء الوطن، وهو الذى انتقل طفلا من الصعيد الى دمنهور ليكون فى بيت اخية الاكبر روفائيل  ويتعلم فى مدارس دمنهور الابتدائية ثم انتقل الى القاهرة لكمل تعليمة الثانوى فى مدرسة الايمان "بشبرا". وكان الله يعده ليكون الصعيدى الشهم والبحيرى المكافح  والقاهرى المثقف والاديب وهو الدارس لتاريخ مصر الفرعونى والقبطى والاسلامى والحديث والذى تخرج بامتياز من جامعة فؤاد الاول بالقاهرة من قسم التاريخ فى 1947م .  ليحمل تراث وحضارة مصر عبر سبعة الاف سنة فى قلبه وعلى كتفيه ليواصل كتابة تاريخ ناصع البياض لكنيسته ووطنه . وهو المحب لمكرم عبيد الرجل الوطنى وشاعر الكتلة الوفدية والذى اظهر نبوغا ادبيا منذ صباه. وهو الرجل الوطنى الذى عندما لم يصبه الدور فى الجندية تطوع ضابطا احتياط فى بدء حياته العملية وحتى اخر حياته كان يوصى ابناءه بالانخراط فى خدمة جيش بلاده والالتزام الوطنى والقومى. وهو الشاب المكافح الذى عمل مدرساً للغة العربية  والانجليزية ، والخادم فى كنائس شبرا والكاتب فى مجلة " مدارس الاحد". ثم هو الزاهد والناسك الرهبانى فتتلمذ منذ شبابه المبكر على القمص مينا المتوحد الذى صار البابا كيرلس السادس فى 1959م. وزاهد فى متع الحياة  وترك كل شئ وذهب الى الصحراء ليتتلمذ على يد الانبا ثؤفيلس فى دير السريان العامر فى 18/7/1954م وقد بكى كثيرا عندما تم انتزاعه من حياة الوحدة ليتم رسامته اسقفاً فى 62 م ولمحبته للاديرة وزهده ظل وفياً لها ويقضى نصف الاسبوع فيها حتى قبيل أنتقاله أوصى ان يوارى ثرى دير الانبا بيشوى فى وادى النطرون بالصحراء، فهو صاحب الفضل فى اعادة تعمير دير الانبا بيشوى فرسم له الانبا صربامون  اسقفا فى 1973م وهو مدبر روحي حكيم يعتبره قداسة البابا ذراعه الايمن فى شئون الاديرة والرهبنة وهو الذى كان معه فى سنوات رهبنته الاولى فى دير السريان. فتم على يديهما تعمير الدير روحيا بالاباء المتثقفين والخدام الامناء حتى بعد ان كان بالدير خمسة من الاباء قارب رهبانه على المئتين وهو الذى اهتم  بالامتداد العمرانى والزراعى في الدير.  وهو الذى امتد بالاديرة وتعميرها ليس فى مصر فقط بل وفى امريكا اسس اثنين من الاديرة واربعة فى اوربا واصبح لنا اديرة قبطية  فى السودان والقدس واستراليا. كما اهتم باقباط المهجر وربطهم بالكنيسة والوطن الأم وثقافته وروحانية  فله الفضل فى رسامة وارسال  الاباء الاساقفة والكهنة والرهبان لرعاية  ابناء الكنيسة فى انحاء العالم.
+  وكانت عظة الاربعاء اشهر اجتماعاته والتى كان يترقبها الشعب القبطى والالاف من محبى قداسته فى كل العالم من خلال  القنوات الفضائية الكنسية. ولم يفتر عن التعليم فهو صاحب مقولة " أمحو الذنب يالتعليم " كما يقول الكتاب هلك شعبي لعدم المعرفة ". هذا غير العظات والمحاضرات التى كان يلقيها على الاباء الكهنة والرهبان والضيوف وفى سفرياته المتعدده لكل قارات العالم. فهو المحاضر الحاز على شهادة اعظم مفسرى الكتاب المقدس، والحاصل على ثمانية شهادات دكتوراة فخرية من جامعات اوربا وامريكا . وجائزة اليونسكو للحوار والتسامح الديني؛ وجائزة الأمم المتحدة للتسامح الديني؛ وجائزة  القذافى  لحقوق الإنسان. وهو الكاتب الاديب والصحفى الذى كان يكتب فى مجلة مدارس الاحد ومن ثم راس تحريرها ، ثم اسس مجلة الكرازة الناطقة بلسان الكنيسة وبطريركيتها . وقد كتب فى عدة جرائد قومية منها الاهرام والجمهورية ووطنى . وكل المجلات الكنسية وحتى الوطنية كانت تتخد من مقالاته والكتابة عنه وسيلة للتعليم أو حتى  لجذب عدد أكبر من القراء .  
+  وهو اللاهوتى الذى كتب حوالى ال140 كتاب فى مختلف فروع المعرفة اللاهوتيه والروحية والاسرية والادب الروحى بمختلف الفروع وفى تفسير للكتاب المقدس وشخصياته فسواء  كان فى الدير او مقرة فى مصر كان يسهر لوقت متاخر جداً للصلاة والتاليف وغالبية محاضرته وعظاته تم تجميعها لتصدر فى كتب. كتب عن ابائنا الاولين أدم وحواء وهابيل وقايين ، وحياة ابراهيم واسحق ويعقوب ويوسف الصديق ومرورا برجال العهد الجديد القديسين فكتب عن القديسة مريم والقديسين بطرس وبولس  حتى اخر اسفار العهد الجديد  فقد شرح وفسر "سفر الرؤيا " وكتب عن  اب الرهبنه الانبا انطونيوس وغيره  فقد كان يريد ان يتعلم شعبه من فضائل القديسين وحياتهم ، كما كتب عن الفضائل الروحية " المحبة قمة الفضائل " ، " حياة الايمان" ، وحياة الرجاء" واراد ان يحيا شعبه الفضيلة فكتب " حياة التوبة والنقاوة" ودعاء كل انسان ان يحيا الحياة الروحية السليمة فكتب " الانسان الروحى" ،      " وحياة الفضيلة والبر " واراد ان يفهم الانسان نفسه  فكتب" من هو الانسان"، " الانسان الروحي" وهو الذى كتب العديد من الكتب عن حياة السيد المسيح وتعاليمة ومن اشهرها  " تاملات فى العظة على الجبل"، " تاملات فى اسبوع الالم " وكتب كتابين عن " ميلاد المسيح" واثنين اخرين عن " حياة  القيامة، وتاملات فى قيامة المسيح"  وكتب للاسرة عن " الاسرة السعيدة" ، " شريعة الزوجة الواحدة " هو الانسان الذى يحيا السهر الروحى والصلاة فكتب عن " السهر الروحى"  "والتلمذة" ، " الله وكفى " وهو كاتب عدة 4 فى " خبرات فى الحياة الروحية " ، و4 كتب اخرى عن " كلمة منفعة"  و4 كتب اخرى فى " الخدمة الروحية والخادم الروحى " علاوة على 10 كتب هى تجميع لاجابات الاسئلة  الروحية والايمانية والحياتية والكتابية  التى كانت توجه اليه من مختلف فئات المجتمع وفى مختلف المناسبات الكنسية . وهو الانسان الذى عاش حياة الصلاة فكتب عن " الصلاة الربانية " وهو الذى عاش حياة الشكر على كل حال  فكتب عنها " حياة الشكر " وهو الى كتب العديد من الكتب عن الصلوات الكنسية والتاملات فى الكتاب المقدس.
الحياة السياسية فى عصر البابا شنودة الثالث ..
+ منذ سيامة البابا شنودة الثالث بطريركا فى 14/11/1971 وعقب بدأ حكم الرئيس الاسبق انور السادات فى 28/9/1970 مرت بمصر احداث جسام فقد بدء السادات بثورة التصحيح والقضاء على مراكز القوى، واكتسب السادات شعبية كبيرة فى مصر عقب نصر أكتوبر 1973 وكان يرى فى البابا شنودة اولا زعيما كبيرا للكنيسة والوطن وقال السادات مرة "لقد قرات تاريخ الكنيسة وقد آن  للكنيسة القبطية ان تستعيد مجدها العريق" الا ان السادات وعقب سياسة الانفتاح الاقتصادى ثم معاهدة السلام راى فيه منافسا على الريادة والقيادة وكان السادات قد  شجع وتبنى بعض  القوى الاسلامية الرديكاليه وانحاز لها دون بقية اطياف الشعب المصرى ربما  للقضاء على التيار الاشتراكى واليسارى مما اثر تاثيرا سيئاً على الوحدة الوطنية .  فقد شهدت الكنيسة  هجمات شنها بعض المتطرفين بدء من احداث الخانكة 11/72 ثم  مقتل 81 من الاقباط فى الزاوية الحمراء فى 17/6/81م. وتعرض العديد من المحال التجارية والبيوت للنهب والتى افتعلها النظام  فى عهد وزير داخلية نبوى اسماعيل للقضاء على المعارضة ورموز العمل الوطنى والدينى الاسلامى والمسيحى المعارض لسياسته  ومنهم  البابا شنودة الذى تم عزله واستبعاده لدير الانبا بيشوى، وكان الخلاف قد اشتد بين الرجلين  بعد معاهدة السلام مع اسرائيل والتى رفض بعدها قداسة البابا السماح للاقباط بزيارة القدس عقب الصلح المنفرد مع اسرائيل  حتى  يتم  تقرير مصير القدس أوقيام دولة فلسطينية مستقلة واستعادة دير السلطان الذى اعطته اسرائيل للاحباش بتدخل عسكرى وسياسى منتهكة حقوق الاقباط التاريخية فى دير السلطان بالقدس. واعقب ذلك أغتيال الرئيس السادات فى حادث المنصة الشهير فى 6 اكتوبر 1981م .
+ تولى بعدها الحكم الرئيس السابق محمد حسنى مبارك وبقى البابا شنوده فى الدير الى ان رجع الى كرسية فى 5 /1/1985 قبيل عيد الميلاد وكانت مصر تمر بظروف دولية واقليمية متغيرة عانى فيها الاقباط من التهميش السياسى والعديد من  الاحداث الطائفية  التى راح ضحيتها العديد من الاقباط والتعرض لبعض الكنائس  فى احداث متواليه عالجها قداسة البابا بحكمة عالية وبروح المسئولية الوطنية والقومية وبالصلاة والالتجاء الى الله فى الملمات وحتى تفجير كنيسة القديسين والتى استشهد فيها 25 قبطى واصيب مايزيد عن المئة كان البابا شنوده يرفع صلواته لله ويتعامل بحكمة مع المسئولين لرفع الظلم  عن رعيته وينادى بالمحبة واقرار مبادى المواطنة والمساواة والعدل . ولكن لم يجد اذان صاغية ورفع دعواه الى الله عالما بقوة الصلاة والصمت الحكيم وقال ان الله يعرف ما نعانى وما في صمتنا من معانى وقال ان الله سامع لشكوانا . ولم يمر الشهر على احداث كنيسة القديسين بالاسكندرية فى اول يوم من 2011م حتى قامت ثورة 25 يناير وتم تنحى حسنى مبارك واقالة ومحاكمة العديد  من المسئولين بمن فيهم وزير الداخلية حبيب العدلى الذى كان يدبر لاشعال الفتن والهاء الشعب بالصراع الدينى لتمرير التوريث السياسى للحكم وغض الشعب نظره عن الفساد المستشرى فى النظام.
+ وعندما قامت ثورة  25يناير 2011 م حرص قداسة البابا على الصلاة من اجل مصر وسلامتها واستقرارها وظهرت اللحمة الوطنية طوال ايام التظاهرات وبعد اعلان تنحى الرئيس محمد حسنى مبارك . وطالب قداسة البابا  الشباب والمسئولين بالتحلى بالحكمة وروح المسئولية والامانه والايمان بدون شماتة فى أحد وبروح الصفح والمحبة والقانون. الا ان وقوع  بعض الاحداث الطائفية البغيضة التى جرت بحرق كنيسة صول فى الجيزة وهدم كنيسة المريناب باسوان وحرق كنيسة أمبابة بالقاهرة عقب الثورة وصعود بعض الاصوات المناهضة للوحدة وبث روح الفرقة أثرت على سمعة مصر وقيمها التى تعبر عن روح الاخوة والتسامح والمساواة مما آلم قداسته كثيراً، ورغم هذا  فان قداسة البابا رفض الاصوات المنادية بالاستقواء بالخارج  وقال اننا فى حمى الله ولن يحمينا او يدافع عنا سواه ونحن نثق فى علاقتنا الطيبة مع اخوتنا المسلمين العقلاء الذين يتفهمون قضايانا وكان قداسته يقول اننا  فى قارب واحد وحاضرنا ومستقبلنا نقرره معاً. فعالج بروح المحبة والتسامح والحكمة والمسئولية ما مرت به الكنيسة والوطن من احداث ورفع راية الكنيسة القبطية ومصرعاليا فهو صاحب المقولة الشهيرة ( مصر وطنا يعيش فينا لا وطناً نعيش فيه) عملاً وقولاً حتى اخر ايام حياته.  فقد كان اخر  لقاء رسمى هو الذى التقى فيه مع المرشد العام للاخوان المسلمين  محمد بديع وكأنه يترك لنا رسالة أخاء ومحبة على ارض مصر الطيبة .
+ تميز البابا بحس وطنى وقومى تجاة كل القضايا العربية وقد كان له المواقف المشرفة تجاه قضية فلسطين وحرص الرئيس الراحل ياسر عرفات ومن بعده محمود عباس على زيارته فى كل مرة يحلو فيها ضيوفا على مصر، وهو البابا الذى وقف مع لبنان فى محنته وزاره أكثر من مرة والتقى برؤسائها المدنيين والدينيين من مختلف الطوائف وكان يحل ضيفا عزيزا مكرما لديهم  كما زار سوريا والبطريرك الانطاكى اكثر من مرة والتقى فيها بالرئيس حافظ الاسد ونجله بعد ذلك وهو الذى خطب فى جموع المصلين فى المسجد الاموى الشهير بسوريا  وكان يصلى من اجل سوريا وسلامها واستقرارها وحريتها . وهو الذى استقلبه الترحاب ملك الاردن وافتتح كنيسة قبطية فى عمان العاصمة ووضع اساس اول دير قبطى فى الاردن ولبنان . كما زار الامارات العربية وافتتح كنيسة فيها لرعاية ابنائه الاقباط العاملين هناك .
+ البابا شنودة الشاعر رقيق المشاعر ...
أحب قداسة البابا شنودة  الشعر وكان رقيقاً فى مشاعره ، كان يكتب الشعر حتى قبل رهبنته حول مواد الدارسة وفى المناسبات المختلفة ، إلى أن تتلمذ على يد أحد الكتب القديمة في الشعر، وهو كتاب "أهدى سبيل إلى عِلميّ الخليل" للأستاذ محمود مصطفى، وتعلم البحور والقوافي ونظم الشعر المختلفة. ثم بدأ بعد رهبنته في كتابة قصائد روحية و أشعار دينية تلمس مواضيع مسيحية  وروحية عدة أصبحت ترانيم شهيرة لجمال كلماتها، ومعانيها، وألحانها. من بين هذه القصائد كتب قصيدة تعبر عن ايمانه العميق بالله " ان للكون اله "  
إن للكون إلهاً .. ليس معبوداً سواه
هو اصل للوجود .. وهو اصل الحياة
ينحنى الكل خضوعا .. فله نحنى الجباه
فى ركوع فى سجود .. فى إبتهال فى صلاة
يجد الوجدان فى حبه .. أسمى مشتهاه
كل ما أبغيه أن أقضى .. عمرى فى رضاه
هو فى الأذهان دوماً .. وهو عال فى سماه
ويحار العقل فيه .. ليس يدرى ما مداه
إنه الخالق والحافظ .. بل حامى الحماة
هو رب للبرايا .. وهو راع الرعاة.
 وكتب فى مرضه الاخير قصيدة  تعبر عن محبته لله بعنوان  " أحبك يارب"
 احبك يارب فى خلوتى... تناجى فؤادى بعمق الكلم
أحبك يارب فى ضيقتى ...ووقت أحتياجى ووقت الألم.
أحبك يارب فى توبتى .. ووقت البكاء ووقت الندم.
أحبك يارب وقت الرخاء... وايضا احبك وقت العدم.
أحبك والقصر يبنى لأجلى.. وأيضا اذا ما هو وأنهدم
أحبك قلباً يضمد جراحى .. وافرح حين اراه التأم
أحبك روحاً ترفرف حولى .. وتمنح نفسى عميق النعم .
ولقد تمتع البابا شنودة الثالث بحس فكاهى وذكاء حاد  يعبر عن الحس المصرى الاصيل المتميز بروح الدعابة والوداعة  الفريدة والعمق والفكر الروحى فقد كتب  قصيدة  "يا تراب الارض" قال فيها :
يا تراب الأرض يا جدي        وجد الناس طرا
أنت أصلي، أنت يا أقدم        من آدم عمرا
ومصيري أنت في القبر،      إذا وسدت قبرا
ويقول قداسة البابا شنوده عن الأبيات السابقة: تذكرت مرة أننا مخلوقون من تراب الأرض، وأننا سنعود مرة أخرى إلى التراب بعد الموت فقلت في أبيات من الشعر ما سبق. ثم يضيف على أنني راجعت نفسي، وتذكرت أن التراب هو أصل الجسد فقط، الذي خُلق من تراب او من طين، قبل انا ينفخ الله فيه نسمة حياة هي الروح. فعدت أصحِّح فكري، وأقول في أبيات أُخرى:
ما أنا طينٌ ولكن أنا في الطين سَكْنتُ
لست طيناً, أنا روح من فم الله خرجتُ
سأمضي راجعاً لله أحيا حيث كنت.
لقد رجعت روحه الطاهرة الى خالقها بعد ان جاهد الجهاد الحسن وأكمل السعى لينال أكليل البر . اما جسده فيرقد بسلام الى يوم القيامة الذى فيه سيعطى الله كل واحد حسب اعماله وتعبه ومحبته . فلن نستطيع ان نوفى هذا العملاق الروحى المعبر عن قيم مصر الاصيلة حقه أو نعبر عن معدنه ولكن اردت ان  أعبر عن وفائى وعرفانى بالفضل  لقيمة وقمة من عظماء مصر وكنيستها عبر تاريخها المعاصر.