نص متحرك

♥†♥انا هو الراعي الصالح و الراعي الصالح يبذل نفسه عن الخراف يو 10 : 11 ♥†♥ فيقيم الخراف عن يمينه و الجداء عن اليسار مت32:25 ♥†♥ فلما خرج يسوع راى جمعا كثيرا فتحنن عليهم اذ كانوا كخراف لا راعي لها فابتدا يعلمهم كثيرا مر 34:6 ♥†♥ و اما الذي يدخل من الباب فهو راعي الخراف يو 2:10 ♥†♥

الخميس، 31 مايو 2012

زيارة العائلة المقدسة أرض مصر



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى
ذكرى غالية وأمنيات متجدده..
يطل علينا الاول من شهر يونيو من كل عام حاملا لنا ذكرى عزيزة على قلوبنا الا وهى تذكار زيارة العائلة المقدسة لأرض مصر قبل ما يزيد عن الالفي عام . ان قلوبنا تفرح بمجئ ملك السلام الى بلادنا ولاسيما فى هذه الأيام الصعبة التي نصلى فيها لكي ما يحل الله بسلامه على بلادنا فتنعم البلاد والعباد بالسلام والأمان والخير. ان السيد المسيح الذى تهللت الملائكة بميلاده العجيب قائلة { المجد لله في الاعالي وعلى الارض السلام و بالناس المسرة} (لو 2 : 14). هو قادر ان يثبت ارجلنا فى طريق السلام  وهو القائل { سلاما اترك لكم سلامي اعطيكم ليس كما يعطي العالم اعطيكم انا لا تضطرب قلوبكم و لا ترهب}(يو 14 : 27). ونحن نتذكر هذا العيد فلنا امنيات متجددة ان يطل علينا من جيد هذا العيد حاملا لنا رسالة سلام ومصالحة وخير . نصلى من أجل كل واحد وواحدة منا لاسيما المسئولين والقائمين على شئون مصر لكي ما يمنحنا الله الحكمة والنعمة والقوة لكي ما نسير فى طريق السلام والمحبة والعدل والخير فى عطاء وعدم انانية وبعيدا عن الهوى غير ناظرين كل واحد لما لنفسه فقط بل لخير اخوته وبنى وطنه لينصلح حال الوطن والمواطن ويأمن الانسان على يومه وغده وارضه وعرضه وماله .
+ الارض المباركة والنبؤات المحققة  .. لقد ذكرت مصر 698مرة فى الكتاب المقدس ولقد وصفها الرب فى الكتاب بالجنة لجمالها وطيب وكرم وعطاء أهلها { كجنة الرب كارض مصر }(تك 13 : 10). ولقد كانت زيارة العائلة المقدسة تحقيقا لتنبؤات الانبياء {وحي من جهة مصر هوذا الرب راكب على سحابة سريعة وقادم الى مصر}(اش 19 : 1). باركت العائلة المقدسة بزيارتها مصر كقلب العالم القديم ومركز الفكر والثقافة والحضارة . كما احتضنت مصر قديما الاباء ابراهيم واسحق ويعقوب. وكانت مصر مصدرا للشبع والأمان والكرم لمن حولها من شعوب الارض لاسيما فى المجاعات والقحط. وكما جال السيد المسيح فى ربوعها واسس له كنيسة قوية فيها تنبأ اشعياء النبي عن مذبحها المقدس وقرابينها المقبولة وعن كرسي مار مرقص الرسول على حدها الشمالي بالاسكندرية. اننا نؤمن ان للرب فى مصر ابناء يدعوهم  ويحفظهم ويباركهم فى كل زمان ولن يترك الرب مصر رغم كل الظروف بل سيكون عليها  ورؤوف وسيعمل الله بنا عملا مجيدا فلا تخافوا وثقوا فى الله  القائل { من مصر دعوت ابني}(مت  2 :  15). ان مصر الاصالة والتاريخ ستبقى قوية وعن الضعف آبيه وسيتم فيها وعد الرب "بها يبارك رب الجنود قائلا مبارك شعبي مصر "(اش  19 :  25).
 مصر التي تغنى بها الشعراء ومدحها القديسين كما قال عنها القديس يوحنا ذهبى الفم مادحا رهبانها وقديسيها (هلموا إلى برية  مصر لتروها أفضل من كل فردوس. ربوات من الطغمات  الملائكيّة في شكل بشري، وشعوب من الشهداء، وجماعات من البتوليّين. لقد  تهدّم  طغيان الشيطان، وأشرق ملكوت المسيح ببهائه! مصر هذه أم الشعراء والحكماء  والسحرة   حصنت  نفسها بالصليب! السماء بكل خوارس كواكبها ليست في بهاء برّيّة مصر الممتلئة من قلالي  النُسّاك). ستبقى مصر منارة إيمان فى العالم، فمصر بلد  ولود  وأرض القمم والقيم  التى قدمت للعالم مدرسة الاسكندرية اللاهوتية بعلمائها ولاهوتيها العظماء   بنتينوس   واكلمنضدس  واورجيانوس  وديديموس والتى قدمت للعالم أثناسيوس المدافع عن الايمان المستقيم  وكيرلس  عمود الدين  وانطونيوس فخر وابو الرهبنة فى العالم كله. مصر التى جادت علينا بالبابا  كيرلس والبابا شنودة الثالث فى العصر الحديث. مصر الفلك والطب والحضارة والعلم ستعود أكثر قوة بالإيمان الساكن في قلوب ابنائها وبناتها . وبعطاء مزارعيها وعمالها وعلمائها ومفكريها.
+ أفرحى وتهللي يا مصر وشعبها.. بهذه الزيارة المباركة وارفعي القلوب والايدي بالصلاة ليحل عليكى سلام الله وبركته ونعمته من جديد.  كما نسبح الرب فى فى ذكصولجية "تمجيد" عيد دخول السيد الى ارض مصر وننادى لتفرح وتتهلل مصر وبنيها وكل تخومها لانه أتى اليها محب البشر الصالح  ( الله الممجد في مشورة القديسين الجالس على الشاروبيم رؤى في إقليم مصر. الذى خلق السماء والأرض رأيناه كصالح في حضن مريم السماء الجديدة مع البار يوسف الصديق. عتيق الأيام الذى تسبحه الملائكة إلى كوره مصر جاء اليوم لكى يخلصنا نحن شعبه. افرحى وتهللى يا مصر مع بنيها وكل تخومها لأنه أتى إليك محب البشر الكائن قبل كل الدهور. اشعياء العظيم قال أن الرب قادم إلى مصر على سحابة خفيفة وهو ملك السماء والأرض. نسبحة ونمجده ونزيده علوًا كصالح ومحب للبشر ارحمنا كعظيم رحمتك).            اننا نصلى ونقول أمين تعال أيها الرب يسوع ، قلوبنا اشتاقت للرجوع، منتظرين وعودك ، قلت ستاتي.  أمين تعالى واهدم حصون الظلم والظلمة، وبدد الاوثان واعتق الانسان وشتت  المستكبرين بفكر قلوبهم وارفع المتواضعين، خلص شعبك وبارك ميراثك وانظر الينا بعين الرحمة والحنان.
+ دروس من العيد..  لقد صار مجئ السيد المسيح مع القديسة مريم العذراء أمه ويوسف الصديق درسا لكل الابرار والصديقين فالصديق يرى الشر فيتوارى ويهرب من الشر إن أمكن، فالنار لا تطفأ بالنار بل بالماء. لقد أراد المسيح تقديس مصر وكانت الأوثان تسقط في كل بلد في مصر تدخله العائلة المقدسة فكانوا يمضون من مدينة إلى أخرى. هكذا مرت العائلة المقدسة فى مدن مصر وقراها لتبارك السهل والصحراء والنيل والوادي. قدمت  مصر للعائلة  المقدسة  القوت والماء والدفء والأمان. واستقبلهم الكرماء فى منازلهم بالحفاوة والترحاب، اننا بكل ثقة نقول ان السيد المسيح مدين لمصرنا بان يمنحها الامان ويقوى فيها الإيمان لتبقى مصر مصدر إشعاع إيماني وحضاري مهما تأمرت قوى الشر وحاربها إبليس وجنوده .
ان الآلام قد تكون ضرورة ليتزكى الإنسان، فكم كان صعبا على يوسف الصديق الشيخ  والشابة الصغيرة مريم والطفل يسوع أن يتحملوا مشاق السفر والإقامة فى بلد غريب. هكذا الابرار فى كل جيل معرضون للتجارب والآلام لكي تكون تزكية إيمانهم كالذهب المصفى بالنيران، هذه الزيارة  كانت تأكيدا  لتجسد المسيح الكلمة واحتماله كل معاناة البشر منذ طفولته، غير مستخدم لقوة لاهوته ليريح نفسه. لم يبطش الله بهيرودس الملك وشروره وقتله لاطفال بيت لحم، بل توارى عن شره وصبر عليه حتى امتلأ كأس غضب الرب واستحق  هيرودس العقاب الإلهي بعدل وبدون رحمة وهكذا السيد المسيح  فيما هو تألم مجربا يستطيع ان يعين المجربين وفيما هو يصبر على المتكبرين ليعطيهم الفرصة للتوبة والنجاة من القصاص. فانه فى عدله يجازى كل واحد كنحو أعماله .
+إفتحوا قلوبكم وبيوتكم للرب..  هذه الزيارة المباركة نريد لها الإمتداد فى التأثير والبركة والفعالية عبر السنين ونريد ان يكون لها فى قلوبنا فرحا وفى سلوكنا نبع من التعاليم المقدسة وان تكون لكنيستنا وبلادنا بركة متجدده، اننا مدعوين بروح الصلاة ان نفتح قلوبنا وبيوتنا للرب من جديد. ان الله ليس عنا ببعيد بل كما يقول الكتاب {هنذا واقف على الباب واقرع ان سمع احد صوتي وفتح الباب ادخل اليه واتعشى معه وهو معي }(رؤ 3 : 20) فهل نفتح باب قلوبنا وبيوتنا للرب ليشاركنا الأمنا وامالنا ام نغلق دونه فيبتعد عن وبطرقنا لا يسر. اننا مدعوين لعشاء عرس الحمل والله يريد الايدي المرفوعة بالصلاة والركب المنحنية فى خشوع والكتاب المقدس المفتوح. الله  يريد من يشترك معه فى كل عمل صالح فياليتنا نكون صناع سلام ودعاة محبة وإيمان ورجاء فى الله .

الأربعاء، 30 مايو 2012

الرئيس القادم والقدرة على التغيير للأفضل؟





الرئيس القادم

والقدرة على التغيير للأفضل؟

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

نظرة للمجتمع حولنا.. عندما ننظر للمجتمع من حولنا، وما نراه من أخبار تتناقلها وسائل الاعلام ، وما نشاهده من حوارات جارحة وفقدان لادب الحوار الراقي. بل بالنظر الى طرق حل الخلافات بالتشابك بالالسن بالايدي والاسلحة، أو إشعال الحرائق وافتعال الازمات. وعندما نرى تيار الكراهية السائد فى المجتمع يصل الى التكفير والتخوين والاستهزاء بالمختلفين  . وعندما يتفشى تيار الكراهية وعدم القبول للأخر المختلف فى الراي او الجنس او الدين او العرق او المذهب او التوجه. فاننا نحذر من الفتنة والانقسام والتشرذم والخراب الذى يحدق بسفينة بلادنا والذى  ينذر بالكوارث التي تقود للخراب أو الطوفان الذى لن ينجو منه أحد.
النظر الى المصالح العليا للمجتمع..  يجب علينا جميعا من مختلف الاحزاب والتيارات والاتجاهات ان لا ننظر الى مصلحتنا الخاصة فقط  بل الى  المصالح العامة للمجتمع الذى يعانى ويحتاج الى تعاون كل الخيرين. يجب مد اليد للجميع للتعاون للخروج من الازمات التي تعصف بنا. على رجال السياسة والفكر والدين والاعلام  العمل على معالجة الخلل بدلا من صب الوقود على النار. فبريق السلطة وان اغرى صغار النفوس فانه يحرق الكثيرين بنيرانه وليس من السهل فى جو ملبد بالغيوم والمشكلات اقامة العدل والمساواة وارضاء الراي العام . ان المسئولية تكليف وليست تشريف. والمناصب العامة خدمة وأمانة أمام الشعب والله والتاريخ. الامر الذى على المستنيرين والعقلاء والحكماء التنبه اليه  ومعالجته بالحكمة والدعوة الى احترام الاختلاف والبحث عن أفضل السبل للحفاظ على مقدرات الوطن وثروته القومية . فمصر تحتاج الى الجميع ويجب ان تظل مصر فوق الجميع كمصلحة عليا لنا جميعا . يجب ان لا ينسى أحد ان المناصب الى زوال وان الرجال العظماء هم العظماء بامانتهم وإيمانهم وأعمالهم الصالحة وليس بمنصب او سلطة او حتى بثروة يغتنموها أو بشهوة ينالوها .

نريد من يحترم عقولنا ويعمل على تقدم بلادنا ..ومن يدعو الى الحرية والعدالة والمساواة   والقضاء على الفساد بروح سيادة القانون. فلقد عانى الكثيرين من الفساد والظلم والفقر والمرض ويجب ان نعمل معا على رفع كل اشكال التمييز البغيض عن كاهل الشعب الصابر. وان كانت الثورة قد قامت من أجل القضاء على الدكتاتورية  والفقر والجهل فلن نسعى الى دكتاتورية أخرى تحكمنا باسم الله والدين ولن نقبل من يحكمنا بالترغيب او الترهيب، بل نريد من يعمل بالامانة  والعدل لاشاعة السلام والاستقرار ومعالجة الفقر والمرض والجهل  والتمييز والبطالة ويوقف التدهور الاقتصادى والسياسى ومعه يجنى الجميع ثمار الثورة على الظلم .
كلنا فى هذا البلد متدينون بطبيعتنا .. ونخاف الله ونعبده، ونريد ان نحفظ للمسجد والكنيسة احترامهما وهيبتهمها وتعاليمهما السامية ولا ننزل بها الى عالم السياسة ونفاقها والاعيبها . فليعمل رجل الدين على اصلاح النفوس ويعلم الناس ان تحترم بعضها وتتعاون فى الامر بالمعروف والنهى عن المنكر. ولنربى اجيالنا على تقوى الله والحرص على رضاه واداء عملنا باتقان وأمانة وحينئذ يكون لرجل الدين إحترامه ودوره الفاعل فى المجتمع.
وليعمل رجل السياسة على اصلاح احوال البلد..  التي تعانى التدهور الاقتصادي والامني والسياسي . وليتبنى الخطط التي ترفع من المستوى الاقتصادي والتعليمي والصحي وبهذا يودى رجل السياسة دوره الرائد فى بناء مجتمع متقدم. لقد عانت مصر الكثير من سيطرة الحزب الواحد على السلطة التشريعية والتنفيذية والقضائية ويجب ان نحترم التنوع والتعددية فى المجتمع  ونقر بحق كل مواطن فى اختيار من يرى انه يحقق المصالح العليا للوطن دون تخوين او تقليل او تهميش لفئة او طائفة او جماعة . فكل منا له رايه الذى ينبغى ان يحترم ويجب ان نستمر فى مطالبنا المشروعة بالعدل والحرية والمساواة والكرامة ويجب ان نبقى جنود اوفياء لوطن يحتاج لجهودنا وامانتنا وعملنا مهما افرزت الانتخابات الرئاسية من نتائج . ويجب ان نتعلم كيف نحترم ونقبل الهزيمة او النصر فى اي جولة ونتعلم من أخطائنا ونتعاون للدفع بتقدم الوطن.  ولنمد ايدينا بالتعاون مع الرئيس القادم لبناء مصر الحضارة والتقدم والخير للجميع فى ظل سيادة القانون وتحقيق العدالة والمساواة وتكأفو الفرص وحرية الرأي والمعتقد والابداع فى ظل ديمقراطية حقيقة وهذا هو الهدف الاسمى لكل وطني شريف.
مازال امامنا الطريق طويل..  واعتقد انه مخطئ من يظن انه بالدكتاتورية والسيطرة وسحق المخالفين سيستطيع ان يبنى ويحقق حتى احلامه فى السيادة والرفعة . الوطن فى حاجة الى كل السواعد التي تبنى وليس كل من عمل فى الجهاز الادراى للدولة فى النظام السابق هو فاسد او مرتشى. والا فالاغلبية فاسدة وستهمش وينقسم المجتمع على بعضه ويتقاتل. نحن مع سيادة القانون ومحاسبة المفسدين. ويجب ان نكون ضد اي توجه للدكتاتورية  تحت اي مسمى سياسى او ديني . فكلنا ابناء الوطن والدين لله والوطن مظلة للجميع. وعلينا ان نراعى الله فى ديننا ووطنا وحاضرنا ومستقبلنا.
 من اجل حاضرنا الأمن والمستقر وغدنا المشرق فاننا نصلى من كل قلوبنا ونعمل بكل جهدنا ونطلب من الله ان يعطينا روح الوحدة والحكمة والمشورة الصالحة ويقود بلادنا الى بر الامان. 

الأربعاء، 23 مايو 2012

تأملات فى عيد الصعود المجيد


تأملات فى عيد الصعود المجيد

للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

الصعود وحياة السمو ورجاء المجد العتيد  ...
+ صعود السيد المسيح للسماء  بعد ان أتم للبشرية عمل الفداء وقام بمجد عظيم مانحا التلاميذ والمؤمنين السلام  والفرح، وبعد ان تردد عليهم اربعين يوما مؤكدا حقيقة قيامته وهو يعلمهم اسرار ملكوت الله ويفسرا لهم ما جاء عنه فى الكتب { وقال لهم هذا هو الكلام الذي كلمتكم به وانا بعد معكم انه لا بد ان يتم جميع ما هو مكتوب عني في ناموس موسى والانبياء والمزامير. حينئذ فتح ذهنهم ليفهموا الكتب. وقال لهم هكذا هو مكتوب وهكذا كان ينبغي ان المسيح يتألم ويقوم من الاموات في اليوم الثالث. وان يكرز باسمه بالتوبة ومغفرة الخطايا لجميع الامم مبتدئا من اورشليم. وانتم شهود لذلك. وها انا ارسل اليكم موعد ابي فاقيموا في مدينة اورشليم الى ان تلبسوا قوة من الاعالي. واخرجهم خارجا الى بيت عنيا ورفع يديه وباركهم. وفيما هو يباركهم انفرد عنهم واصعد الى السماء . فسجدوا له ورجعوا الى اورشليم بفرح عظيم . } (لو 44:24-52).
+ لقد اخذ السيد المسيح التلاميذ والرسل الى جبل الزيتون والى بيت عنيا المقامة عليه وحيث كان يجتمع مع تلاميذه ليلا للصلاة ، وقرب المكان الذى علم فيه السيد تلاميذه الصلاة الربانية ليقولوا " ابانا الذى فى السموات"  رفع انظارهم الى السماء مباركا اياهم وصعد على السحاب الى السماء. حيث يجلس عن يمين العظمة فى الاعالي.  ومن هناك سيأتي ايضا فى اليوم الاخير، كحسب وعده الصادق، منطلقا الى السماء ويأخذنا معه لنكون هناك كل حين، فنحن على هذا الرجاء المبارك نحيا فرحين. ولقد أكدت الملائكة للتلاميذ  الصعود المجيد وأعلنت عن المجيء الثاني من السماء { ولما قال هذا ارتفع وهم ينظرون واخذته سحابة عن اعينهم. وفيما كانوا يشخصون الى السماء وهو منطلق اذا رجلان قد وقفا بهم بلباس ابيض. وقالا ايها الرجال الجليليون ما بالكم واقفين تنظرون الى السماء ان يسوع هذا الذي ارتفع عنكم الى السماء سياتي هكذا كما رايتموه منطلقا الى السماء} (أع 9:1-11).
+ لقد ابقى السيد المسيح اثار جراحاته حتى بعد قيامته لتكون شاهدا على محبته لتشفينا من جرحات خطايانا ، وها هي شفت التلاميذ من عدم إيمانهم. وجراحات السيد التي أبقاها إعلانا عن شفاعته الكفارية أمام الآب. نتذكرها فنحبه لأنه أحبنا أولا. أن "بيت عنيا"  مكان الصعود تعني "بيت العناء" أو"بيت الطاعة"، فإنه قد أراد أن يصعد إلى السماء عند بيت عنيا، عند جبل الزيتون، حتى كل من يود أن يرتفع قلبه إلى السماء يلزمه أن يحتمل معه "العناء" ويشاركه الألم، كما يحمل سمة الطاعة التي للابن نحو أبيه. كما ان من يريد ان يشارك فى الصعود المجيد عليه ان يحيا السمو الروحي والصلاة والمحبة التي قدمتها اسرة بيت عنيا المحبة للسيد المسيح المتمثلة فى لعازر واختيه مريم ومرثا. لقد جاء السيد المسيح  الى عالمنا ليعلمنا ويخلصنا ويرفعنا الى السماء وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه من دنس العالم { وكل من عنده هذا الرجاء به يطهر نفسه كما هو طاهر} (1يو  3 :  3).
+ العجيب أن التلاميذ لم يحزنوا على صعود الرب ومفارقته لهم حسب الجسد، إنما رجعوا إلى أورشليم بفرح عظيمٍ، إذ أدركوا أنه حيث يوجد الرأس تكون الأعضاء، وما تمتع به السيد المسيح إنما هو باسم الكنيسة كلها ولحسابها. وبهذه الروح يجب علينا ان نواظب على الصلاة والتسبيح والفرح الروحي لنمتلى بالروح القدس ويقودنا ويرشدنا ويهدينا ويهبنا القوة الروحية الى نغلب بها روح الضلال وننتصر فى حروبنا الروحية ونصل الى الملكوت السماوي .
+ حياة السمو الروحي والرفعة والقداسة والفكر الروحي المستنير هي التي تؤهلنا للصعود المجيد مع السيد المسيح . فان اردنا ان نشارك فى المجد العتيد علينا ان نحيا حياة  التوبة والسمو والبعد عن الضعفات والخطايا وهكذا يدعونا الكتاب الى الحياة المقامة فى الرب {فان كنتم قد قمتم مع المسيح فطلبوا ما فوق حيث المسيح جالس عن يمين الله }(كو 3 : 1). ان من يريد ان يصعد على جبل الرب عليه ان يحيا التوبة والقيامة والسمو { من يصعد الى جبل الرب ومن يقوم في موضع قدسه. الطاهر اليدين والنقي القلب الذي لم يحمل نفسه الى الباطل ولا حلف كذبا. يحمل بركة من عند الرب وبرا من اله خلاصه. هذا هو الجيل الطالبه الملتمسون وجهك} (مز 3:24-6). الله عالم بضعف البشر لذلك لم يتركنا يتامى على الارض وبلا مرشد او معين بل وعد ان يكون معنا كل الايام { ها انا معكم كل الايام الى انقضاء الدهر امين }(مت 28 : 20) ويطمئننا بوعوده الصادقة بان لا نخاف { لا تخف ايها القطيع الصغير لان اباكم قد سر ان يعطيكم الملكوت} (لو 12 : 32).
حاجتنا الى الروح القدس وثماره  ..
+ لكي يعطينا السيد المسيح القوة والعزاء والارشاد فى هذا العالم الحاضر، أرسل الروح القدس فى يوم الخمسين ليعطى التلاميذ والمؤمنين من بعدهم روح القوة والحكمة وإمكانيات القداسة  والعزاء والبركة { لكنكم ستنالون قوة متى حل الروح القدس عليكم وتكونون لي شهودا في اورشليم وفي كل اليهودية والسامرة والى اقصى الارض} (أع 8:1). لقد وعد الرب رسله القديسين بارسال الروح القدس عليهم واتمم وعده فى يوم الخمسين فهو لا يريد لتلاميذه أن يبدأوا الكرازة بدون هذه القوة الروحية التي بها يتمكنون من إدراك الحق ويكون لهم قوة تأثير على السامعين ويعملون المعجزات ويتكلمون بألسنة  الامم التي يبشرونها بالايمان ويتعزون أثناء ضيقانهم وإضطهاد العالم لهم فلا يفشلون وييأسوا فيرتدوا. فالروح القدس قوة جبارة تعين المؤمن في جهاده.
+  لقد أكمل السيد وعده فى يوم الخمسين بعد عشرة أيام على صعوده للسماء فباستحقاقات الفداء والقيامة دخل الرب بالجسد الممجد الروحاني الى الأقداس السمائية { واذ ارتفع بيمين الله واخذ موعد الروح القدس من الاب سكب هذا الذي انتم الان تبصرونه وتسمعونه} (اع  2 :  33) واستحقت النفوس المؤمنة ان يحل عليها روح القداسة ويقودها الى السماء {ولما حضر يوم الخمسين كان الجميع معا بنفس واحدة. وصار بغتة من السماء صوت كما من هبوب ريح عاصفة وملاء كل البيت حيث كانوا جالسين. وظهرت لهم السنة منقسمة كانها من نار واستقرت على كل واحد منهم. وامتلا الجميع من الروح القدس وابتدأوا يتكلمون بالسنة اخرى كما اعطاهم الروح ان ينطقوا} (أع 1:2-4) .  فبالتوبة والإيمان بكرازة الرسل قبل المؤمنين عطية الروح القدس {فقال لهم بطرس توبوا و ليعتمد كل واحد منكم على اسم يسوع المسيح لغفران الخطايا فتقبلوا عطية الروح القدس} (اع  2 :  38)

+ اننا نحتاج للبركة فى حياتنا من الله، ولكي نحصل عليها يجب ان نتحلى بروح الإيمان الواثق بالله ونتبعه بنفس راغبة  ونطيع وصاياه {انظر انا واضع امامكم اليوم بركة ولعنة. البركة اذا سمعتم لوصايا الرب الهكم التي انا اوصيكم بها اليوم. واللعنة اذا لم تسمعوا لوصايا الرب الهكم وزغتم عن الطريق التي انا اوصيكم بها اليوم لتذهبوا وراء الهة اخرى لم تعرفوها} ( تث 26:11-28). اننا اذ نضع حياتنا وما لدينا بين يدى القدير فانه يبارك القليل الذى لدينا كما بارك قديما الخمسة خبزات والسمكتين ليشبع بهم الالوف الجائعة ويفيض عنهم ايضا. اننا نحتاج ليد الله القوية والمباركة لتبارك حياتنا وبيوتنا وكنيستنا وبلادنا وتنعم علينا بالسلام والاستقرار والإيمان الواثق فى الذى وعد ان ابواب الجحيم لن تقوى علينا .
+ بهذه المحبة لله والغير وعمل الخير نحيا فرحين على رجاء فى الذى وعد وهو أمين . وبعيون الإيمان نحيا فى سلام مطمئنين على حاضرنا ومستقبلنا . ونرفع أعيننا الى فوق، الى الله  بروح الصلاة الى الله طالبين من اجل سلام وامن بلادنا وإستقرارها وان تصعد بلادنا وحياتنا من كل العثرات التي تعوق رفعتها وسمو أهلها ووصولها الى التقدم . فكل عام وجميعكم بخير.

السبت، 19 مايو 2012

الانتخابات والقيادة الحكيمة



للأب القمص أفرايم الأنبا بيشوى

حلول لمشكلات الماضي والحاضر..  هل يمكنك ان تركب اوتوبيس من القاهرة للاسكندرية مع اسرتك مع سائق مركبة تدرك انه لم يتعلم القيادة جيداً، وتدرك انه لا ساق سيارة او باص؟. وهل تقول توكلنا على الله وتوكل يا سطى وسوق وهو مابيعرفش يسوق؟ الا لو أحببت ان تخلص من حياتك او تحيا فى عاهاتك!  وهل تعطى ثقتك على حياتك ومستقبلك لانسان تعرف انه غير صادق ويتلاعب بمشاعرك؟ وهل نصدق باعوا الوهم الذين يخدعوا الناس سواء بالمتاجرة بالدين او بالحلول السحرية لمشكلاتهم ؟ لقد انخدع الشعب قديما فيمن يجلب لنا الرخاء والحرية والكرامة واصبحنا نفوق كل صباح على غلوا فى الاسعار وازدياد البطالة والفقر والمرض والجهل. فى هذه الايام الصعبة نصرخ الى الله ليوجه قلوبنا لنختار وننتخب من هو صالح لقيادة مصر فى الفترة القادمة ليقودنا الى بر الامان ونصرخ للرب ليرشدنا لاختيار الصالح والأمين والحكيم والقادر على إجتياز المرحلة المقبلة .
اصواتنا أمانة لتقرير مستقبلنا لسنوات قادمة.. ونحن نتوجه لصناديق الانتخاب لنعطى اصواتنا لمن نرى انه الاجدر لقيادة المرحلة المقبلة يجب ان نرفع قلوبنا بالدعاء لاختيار الصالح للمستقبل ونحكم عقولنا فيمن نراه امامنا من مرشحين قادر على تجسيم الحلم المصري للوصول الى حاضر آمن ومستقبل أفضل وذو البرامج الحقيقية لعلاج الامراض التي نعانى منها من فقر ومرض وجهل وان يرسل لنا الله المحامي عن الفقراء والذى ينصف المظلومين ويخلص الشعب من أزماته بدلا من ان نفيق كل صباح على مشكلة جديده وازمات متلاحقة   { فيكون علامة وشهادة لرب الجنود في ارض مصر لانهم يصرخون الى الرب بسبب المضايقين فيرسل لهم مخلصا ومحاميا وينقذهم. فيعرف الرب في مصر ويعرف المصريون الرب في ذلك اليوم ويقدمون ذبيحة وتقدمة وينذرون للرب نذرا و يوفون به. ويضرب الرب مصر ضاربا فشافيا فيرجعون الى الرب فيستجيب لهم ويشفيهم} (اشعياء 20:19-22). لقد تعب الشعب وتضايق من المشكلات المتلاحقة  التي مر بها ونبحث عن طوق نجاة وقائد يقود سفينة بلادنا الى الغد الأفضل، والذى يستطيع ان يتبنى مشاريع قومية يجد فيها المسلم والمسيحي نفسه على قدم المساواة ويجد فيها الطفل والشاب والشيخ نفسه أمنا على يومه وغده، ويجد فيها الشباب العاطل الفرصة متاحة أمامه لبناء مستقبلة بدلا من الموت فى عرض البحر للوصول الى مينا لا يقبله أو كفيل لا يرحمه أو بلد غير مرحبا به فيها. حتى صار الكثير من المصريين لا سيما الشباب يتمنى الموت او الرحيل. فهل يأتي من يمثل كل هؤلاء ام ننام على حلم ونصحا على كابوس. ونحتاج الى ثورة اصلاح من جديد.
إيجاد الحلول للمشكلات القائمة بدلا من الشعارات  .. ونحن نمر بفترة عصيبه وحاسمة فى تاريخ مصر وحاضرها ومستقبلها وفى فترة انتخاب رئيس للدولة يقود البلاد لتمر من مشكلات كثيرة تعصف بها من غياب الامن وقلة الامان الى الازمة الدستورية لبلد حضارة سبعة الآف سنه؟ الى ارتفاع الاسعار وزيادة نسبة البطالة . مرورا بالفيروسات الى تفترس أكباد المصريين والازمات التي تتعرض لها القلوب والسرطان الى ينهش فى الجسد المصري والتسرب التعليمي الذى يزيد الجهل والفقر والمتاجرة باسم الدين فى تلاعب بمشاعر الشعوب مع ان السياسة فن وعلم .ان المشكلات التي نواجهها لا تحتاج الى شعارات بقدر ما تحتاج الى دراسة علمية لايجاد الحلول للمعضلات وقرارات حكيمة حازمة ومتابعة وتقييم للواقع ، الازمات الاقتصادية وازدياد الدين العام الد اخلى والخارج وحتى اكوام الزبالة التي تنشر المرض  كل ذلك يحتاج الى القائد ذو الرؤية، والصادق مع نفسه وشعبه، الذى يجمع ولا يفرق. نحتاج الى الرجل المتواضع الذى يؤمن بدولة المؤسسات والى جهود اهل الخبرة والعلم. حتى نعبر هذه الفترة الحرجة والحاسمة فى تاريخ مصر التي تتعرض فيه لرياح التغيير من داخل والرياح القادمة من دول الجوار او الاتية من بعيد للتأثير فى حاضر مصر ومستقبلها وكل له أطماع والبعض يتربص بنا والاخر يشمت فينا والبعض له مصالح يبحث عن من يمثلها ويحافظ عليها وفى كل ذلك يجب اولا ان نبحث عن مصلحة الوطن والمواطن ومن هو الاقدر على الامساك بدفة قيادة البلد الى بر الامان.
مصادر قوة القائد والقيادة .. ان مصدر قوة القائد يأتي اولا من علاقته الصادقة بربه وبشعبه وخبرته  الشخصية ودراسته وماضيه ثم مشاركته للآلام وأمال شعبه وطموحاتهم، لقد مضى زمن القائد الملهم والاوحد والذى يبيع الوهم والاكاذيب الكبرى لشعبه لنفيق على الكوارث والازمات . اصبحنا نحتاج للانسان الذى يؤمن بالقيادة الجماعية وتظافر الجهود الخيرة والاعتماد على أهل الخبرة  والعلم والمؤسسات المنفتحة على المعرفة واسباب التقدم لا دعاة الجهل وباعة الاوهام. نحتاج  للحلول العملية والعلمية والواقعية لمشكلاتنا بالامكانيات المتاحة فى إيدينا والى  والنظام  والعرق والكفاح وبذل الجهد . لقد اصبحت مشكلات  رغيف الخبز والعلاج الصحي والوقاية من امراض الجهل والفقر والتطرف تحتاج الى حلول عمليه سريعة وفاعلة . واصبحنا فى أمس الحاجة  الى الوعي والحرص على مبادئ العدالة والمساواة والحرية . قديما راى الله الشعب ظلموا ظلما وحتى قادتهم لم يكونوا رجالا يرمموا الثغرات ويصلحوا ما افسده الشعب فسكب سخطه عليهم كما جاء فى حزقيال النبي {شعب الارض ظلموا ظلما وغصبوا غصبا واضطهدوا الفقير والمسكين وظلموا الغريب بغير الحق. وطلبت من بينهم رجلا يبني جدارا ويقف في الثغر امامي عن الارض لكي لا اخربها فلم اجد. فسكبت سخطي عليهم افنيتهم بنار غضبي جلبت طريقهم على رؤوسهم يقول السيد الرب} (حز 29:22-31).  ونحن من القواعد الشعبية وحتى أعلى هرم السلطة بتنا نحتاج الى الصدق  والامانة والمساواة المحبة والالتزام والتعاون واحترام سيادة القانون،  للمرور بمصر من السنوات العجاف الى سنوات الرخاء.
صوتنا أمانة يجب ان نؤديها للاقرب الى تحقيق الحلم..  وليس هذه نهاية المطاف بل بداية لبرامج طموحة وتكاتف وتلاحم الشعب ونبذ الفرقة وعندما يتحقق النصر لشخص ما او تأتى الاعادة بين شخصين فاننا نقترب من ساعات الحسم. ويجب ان يتحلى الفائز بروح التواضع والعدل ليمثل كل المصريين بمختلف اتجاهاتهم ويتحلى الخاسرون بروح المسئولية والتعلم من الاخطاء بدون ضجيج او مغالاة او تناحر وكراهية تعيق الحركة للأمام. نطالب القائمين على العملية الانتخابية بالعدالة والبعد عن التزوير والتأثير على الناخبين لتكون الانتخابات نزيهة لا يطعن في نزاهتها احد ولا يشكك فيها المراقبين أو نرى فيها التلاعب والتدليس والتزوير لتكون بداية حسنه لعهد أفضل باذن الله . 

الأحد، 13 مايو 2012

النفس البشرية والسعى للحياة الأفضل


أضواء على النفس البشرية 
للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى
(5)
النفس البشرية والسعى للحياة الأفضل

تقييم للواقع الحالى وأهمية التطور..

+ الانسان كائن عاقل مسئول ..  يستطيع بنعمة التفكير معرفة ومراجعة وتقييم حياته وتطويرها للأفضل، يستطيع الإنسان ان يرفض السلوكيات الخاطئة وان يكتسب العادات الإيجابيه ولهذا دعانا الكتاب المقدس الى عدم مسايرة الاشرار بل الى التغيير للأفضل ومعرفة  ارادة الله الصالحة الكاملة وتغيير وتجديد الذهن كمحرك وباعث للتغيير  { ولا تشاكلوا هذا الدهر بل تغيروا عن شكلكم بتجديد اذهانكم لتختبروا ما هي ارادة الله الصالحة المرضية الكاملة} (رو 12 : 2).  ويجب ان يكون لنا الرغبة الصادقة  والارادة والحافز للتغيير، ثم يجب ان نقوم بعملية تقييم  صادق ومعرفة لانفسنا وما هى نقاط القوة أو الضعف فى شخصياتنا، ويجب ان نعرف ما لدينا من أمكانيات وقدرات مادية وبشرية ثم  استخدامها لعمل التطوير اللازم والضرورى لحياتنا للوصول للحياة الافضل التى نبتغيها لنا ولمن هم حولنا.
+ البيئة وتاثيرها على سلوكنا.. تؤثر البيئة فى الإنسان سواء الاهل او الاصدقاء او محيط العمل والمجتمع،  فهي مؤثر هام  فى عمليات أكتساب الانماط السلوكية المختلفة. وسلوكنا  يتأثر بنتائج السلوك ايضاً ، سواء بالقبول والترحيب من المحيطين او الاستهجان وعدم الرضا. فالطفل الصغير مثلاً يحاول نطق الكلمات والتقدم فيها متى وجد تشجيعاً واستحسان ويتقدم فى ذلك أعتماداً على توقع الحصول على الاستحسان. والسلوك العدوانى او الكذب والرياء والرشوة تنمو وتزداد متى لاقت القبول والتشجيع وتقل وتختفى من وجد فاعلوها العقاب والاستهجان . من اجل ذلك يحثنا الكتاب المقدس على تحذير المخطئين وتشجيع صغار النفوس وان نكون سند وتدعيم للضعفاء { ونطلب اليكم ايها الاخوة انذروا الذين بلا ترتيب شجعوا صغار النفوس اسندوا الضعفاء تانوا على الجميع} (1تس  5 :  14).
+التطور المتلاحق فى عالمنا المعاصر.. نحن فى عصر يتميز بالتطور التقنى والعلمى والحضارى وعالم المعرفة الكونية المتقارب وكأننا نعيش فى القرية الواحدة بفضل التلفزيون والدش واكمبيوتر والنت والصحف والمجلات التى تنقل لنا ما يجرى فى العالم من أحداث وأخبار وتطور. ونحن نتأثر بما يحدث حولنا من أحداث وتطورات على المستوى الفردى أو الجماعى. ورغم ثبات الحقائق الإيمانية والعقائدية والقيم الروحية والتى يجب ان نتمسك بها ونحياها. فعلاقة الإنسان بربه تستمد  وتبنى على الإيمان الثابت والراسخ وعلاقة الانسان بالغير تعتمد على القيم الروحية السامية المستمدة من روح الدين التى تدعو الى المحبة والعدالة والمساواة  والحرية  والكرامة وحقوق الانسان والإيجابية فى فعل الخير، وعلاقتنا بذواتنا تقوم على احترام انسانية الانسان وكرامته كتاج الخليقة وسيدها، وسعيه الى خلاصه وقيامه برسالته  بامانة فى نطاق الاسرة والمجتمع . وكلما فهم الإنسان نفسه وما هى نقائصه وعالجها، يستطيع ان يكون ناجحا فى علاقته بالله والناس { لانه ماذا ينتفع الانسان لو ربح العالم كله وخسر نفسه او ماذا يعطي الانسان فداء عن نفسه} (مت  16 :  26). لهذا يجب ان يكون لدينا الرؤية الصادقة والواقعية  والطموحة لبناء أنفسنا للأفضل والسعى الى تطوير ذواتنا وأسرنا ومجتمعنا .
+ عالم الكمبيوتر والتطور المتسارع .. فى عالم الكمبيوتر كمثال للتطور السريع نقوم بعمل تحديث دائم لبرامجه ليوكب التطور الحادث فى عالم الكمبيوتر ولمواجهة العقبات التى تواجهنا فى العمل. وتتنافس شركات الكمبيوتر فى تطوير منتجاتها لخدمة  عملائها. كما يتم تحديث برامج مواجه الفيروسات والقرصنة فى عالم النت والكمبيوتر، فهل نستفيد من ذلك التطور الحادث فى العالم من حولنا فى تطوير أنفسنا أم نسعى للرجوع للخلف والتخلف ونعيش على تمجيد سيرة السلف الصالح فقط  دون ان نتعلم منهم مواكبتهم لعصرهم وسبقهم زمانهم وتمسكهم بالقيم الروحية القويمة. يجب على كل واحد منا ان يساهم فى صنع حضارة وتاريخ وعلم وفن عصره حسب امكانياته وجهاده والمواهب التى يمتلكها.

كيفية الوصول الى الحياة الأفضل ...

+ مواطن نافع لنفسه ولغيره ..  ليس المهم ان يكون الانسان منا الرجل الأهم أو الرئيس والرأس فى موضعه سواء بالاهداف الشريفة او بالكذب والخداع والرشوة وبتمجيد الذات يصنع له الاتباع . ولكن المهم ان يكون الواحد منا عضوا نافعا وامينا وصادقا فى جسم الاسرة والمجتمع  فى موقعه ووظيفته  حتى لو اصبح يدا تعمل فى هذا الجسم، او عقلا يفكر نحو النفع العام وصالح الاسرة والكنيسة والمجتمع { فان الجسد ايضا ليس عضوا واحدا بل اعضاء كثيرة. ان قالت الرجل لاني لست يدا لست من الجسد افلم تكن لذلك من الجسد. وان قالت الاذن لاني لست عينا لست من الجسد افلم تكن لذلك من الجسد. لو كان كل الجسد عينا فاين السمع لو كان الكل سمعا فاين الشم. واما الان فقد وضع الله الاعضاء كل واحد منها في الجسد كما اراد. ولكن لو كان جميعها عضوا واحدا اين الجسد. فالان اعضاء كثيرة ولكن جسد واحد. لا تقدر العين ان تقول لليد لا حاجة لي اليك او الراس ايضا للرجلين لا حاجة لي اليكما. بل بالاولى اعضاء الجسد التي تظهر اضعف هي ضرورية. واعضاء الجسد التي نحسب انها بلا كرامة نعطيها كرامة افضل والاعضاء القبيحة فينا لها جمال افضل}( 1كو14:12-23).  ويجب علينا ان نحترم كل انسان مهما كان عمله وموقعة ووظيفته ونشجع هؤلاء الامناء والمخلصين ويجب ان يعاقب القانون العابثين والكاذبين والمفسدين . ان اصلاح حال المجتمع يبدأ من أصلاح حال الأفراد فيه وتبنى القيم النبيلة والعمل الصادق والجهد فى تطوير وتنمية النفس .
+ مالم نفهم أنفسنا ونسعى الى التخلص من أخطائنا وتطوير امكانياتنا وتثقيف عقولنا وتعديل سلوكنا الفردى والجماعى فاننا سنقع فى الجمود الفكرى والثقافى والحضارى الذى يؤدى الى نضوب  وتخلف المواطن والوطن. لا يجب  علينا ان نعيش على الفتات الساقط من ارباب العلم والتقدم . يجب علينا النظر بعين الرجاء الى المستقبل الأفضل وتبنى التخطيط العلمى السليم القائم على معرفة وتدارس نقاط الخلل فى حياتنا وما هى الحلول الممكنة لمعالجتها ثم  أفضل السبل بالامكانيات المتاحة لنا للقيام بالاصلاح. وليس علاج الخلل هو الهم الوحيد لنا بل يجب ان نطمح الى وضع اهداف وخطط مستقبلية  سليمة وطموحة  من واقع حياتنا وتقييم ومتابعة المعوقات والتغلب عليها.
+ تنمية الضمير الأخلاقي السليم .. أهتمام الله بالانسان كتاج وسيد الخليقة  تجلى فى خلقته للإنسان بعقل مميز ومفكر ومبدع ومنحه نعمة الضمير لهذا علينا ايقاظ الضمير الواعى فينا وتنمية بعيدا عن مؤثرات البيئة الخاطئة { لذلك انا ايضا ادرب نفسي ليكون لي دائما ضمير بلا عثرة من نحو الله والناس} (اع  24 :  16). ولابد ان يكون لنا  الضمير السليم والمنقاد بروح الله {اقول الصدق في المسيح لا اكذب وضميري شاهد لي بالروح القدس} (رو  9 :  1). كما ان الله منحنا علم معرفته ووهبنا الوصايا المقدسة كسراج فى الطريق الروحى { واما غاية الوصية فهي المحبة من قلب طاهر وضمير صالح وايمان بلا رياء }(1تي  1 :  5). جاء السيد المسيح الى عالمنا لتكون لنا الحياة الأفضل على الارض ونرث ملكوت السموات متى تبعناه وسير على هدى وصاياه  وكنا أمناء على الوزنات الممنوحة لنا من الله واستثمارها { واما انا فقد اتيت لتكون لهم حياة و ليكون لهم افضل }(يو 10 : 10). فان كنا نسعى الى الحياة الأفضل فعلينا الرجوع الى الله ومعرفة ارادته نحونا وماذا يريد منا ان نفعل . فالله يريد خلاصنا { يريد ان جميع الناس يخلصون والى معرفة الحق يقبلون }(1تي  2 :  4). كما يريد قداستنا   { لان هذه هي ارادة الله قداستكم}(1تس  4 :  3). وهو قادر ان يجعل منا أوانى مقدسة  نافعة وللكرامة متى احببناه واطعنا وصاياه ونمينا فى معرفته { واله السلام نفسه يقدسكم بالتمام ولتحفظ روحكم ونفسكم وجسدكم كاملة بلا لوم عند مجيء ربنا يسوع المسيح }(1تس  5 :  23).
+ العقل  والروح  والوصول للأفضل ..  يجب ان نتخلص من الاخطاء الفكرية ونبنى حياتنا على أساس القيم الإيمانية والروحية والاخلاقية السليمة كمرجع للتقييم والتقدم. فالافكار الشريرة تعمل فى قوى الادراك والاهواء وتثير الانسان وتفقده التمييز الحكيم والشهوات تلوث الخيالات. وعندما تسيطر الشهوات والخطايا عل النفس فانها تمرض وتتحطم وتموت { لا يقل احد اذا جرب اني اجرب من قبل الله لان الله غير مجرب بالشرور وهو لا يجرب احدا. ولكن كل واحد يجرب اذا انجذب وانخدع من شهوته. ثم الشهوة اذا حبلت تلد خطية والخطية اذا كملت تنتج موتا} (يع 13:1- 15). لهذا يجب على المؤمن ان يحيا حياة التوبة والصلاة المستمرة طالبا ارشاد الله والتمييز والحكمة من لدنه. يجب علينا تغذية عقولنا بما هو مفيد وبناء من علوم مختلفة لاسيما فى مجال عملنا وتجديد  وأكتساب ومتابعة التطور فى عالم المعرفة بما يتطور من ادائنا العقلى والوظيفى والعملى. نسعى الى النجاح والاخذ بيد من حولنا أيضا . كما اننا يجب ان نعمل فى اطار الامكانيات المادية المتاحة لنا ونسعى الى المتاجرة بالوزنات التى بين ايدينا وتنميتها للوصول الى حياة الشبع والسعادة وان كان الطموح للنجاح واجب على المؤمن فيجب ان يكون لدينا القناعة ككنز لا يفنى حتى لا يتحول الطموح الى طمع ضار بالنفس والغير. العقل يتشكل بكل الصور العقلية للاشياء والقيم التي يستقبلها وعندما يتامل فيها ويقتنع فيها يأتى دور الارادة الواعية الى تنفيذها وتحويلها الى أفعال وواقع .
+علاج النفس والقلب وتحريرهما من الاهواء.. صحة النفس تكون بالرجوع الى الله وعبادته وتحرير النفس من الاهواء والدوافع الخاطئة ورفض الميول الشريرة فى بدايتها حتى لا تستميل الانسان الى الشر. وهذا يحتاج الى اليقظة الروحية والاستنارة بكلمة الله التي تهب الانسان البصيرة الروحية السليمة والاستنارة كما قول القديس الانبا انطونيوس : ( اننى اعتقد انه عندما يكون الذهن نقى وفى حالته الطبيعية السليمة، فانه يكتسب بصيرة خارقة، ويعلن له الله ارادته). علاج النفس يحتاج الى ضبط الحواس كابواب للفكر وتغذية الفكر وحفظه من الغواية للارتقاء به والصعود الى الله وتقديم الصلوات النقية . كما ان القلب وعواطفه تحتاج الى ضبط وتوجيه وشجاعة أدبية لرفض ما هو خاطئ وقبول وتبنى المثل العليا واقتناء الفضائل لاسيما الامهات منها التي تتوالد منها العواطف النبيلة ، كالمحبة الروحية والتواضع والصدق مع النفس، والإيمان السليم والرجاء والامل فى مستقبل أفضل. القلب كمركز للانسان الداخلي يجب ان يتطهر من الشهوات والاهواء والخيالات ومن الجهل والنسيان حتى لا يظلم او يتقسى او يتنجس. وكلما احببنا الله ووصاياه واحببنا الاخرين محبة روحية توافقنا مع ارادة الله ونجحنا فى الحياة { وعندنا الكلمة النبوية وهي اثبت التي تفعلون حسنا ان انتبهتم اليها كما الى سراج منير في موضع مظلم الى ان ينفجر النهار ويطلع كوكب الصبح في قلوبكم }(2بط  1 :  19). وهذا يحتاج الى الجهاد ضد الاهواء وطلب عمل نعمة الله وروحه القدوس لتستنير النفس وتصل للكمال النسبى المطلوب.
+ متابعة وتقييم وحساب النفس ... ان أفضل طريقة لفهم انفسنا ومعرفتها ياتى من وصف وملاحقة افكارنا ومشاعرنا وما نفعله فى مواقف الحياة المختلفة فلا يعرف الانسان الا روح الانسان الساكن فيه كما ان امور الله يعرفها روحه القدوس الذى يستطيع ان يرشدنا الى الحق ويعلمنا يقودنا فى الطريق الى الله متى طلبنا عمل نعمته المغيرة والمحررة والغافرة  { لان من من الناس يعرف امور الانسان الا روح الانسان الذي فيه هكذا ايضا امور الله لا يعرفها احد الا روح الله. ونحن لم ناخذ روح العالم بل الروح الذي من الله لنعرف الاشياء الموهوبة لنا من الله} 1كو11:2-12. نحتاح للنمو الروحي السليم بمحاسبة النفس سواء بجلسة صادقة مع الذات كل يوم أو فى المناسبات او فى نهاية السنة ووضع خطة لما نريد الوصول اليه وكيفية تحقيقة مع الجهاد المستمر للنمو فى حياة الفضيلة والتقوى. يجب ان يكون لنا العقل الناضج والفكر المستنير والعواطف المنضبطة والارادة والعزيمة القوية للتغير للأفضل وتحقيق الذات داخل القيم الروحية الاصيلة وبغايات ووسائل شريفة ونبيله للوصول الى النجاح والسعادة.
+  اهمية تنظيم الوقت ..  يشتكى الكثيرين منا من قلة وضيق الوقت وعدم قدرتهم على اداء كل الأعمال المنوطة بهم، سواء فى التحصيل الدراسى أو الحياة  الاجتماعية أو العمل او الحياة العامة او الروحية الامر الذى يحتاج منا الى تنظيم وترشيد وتحديد للاولويات من حيث الأهمية. فياتى ما هو هام جدا ومستعجل فى اول القائمة ثم الاهم فالاقل أهمية، ثم الامور الثانوية . على ان يكون لدينا القدرة على التكيف مع المستجدات والاستجابة للمتطلبات الطارئة وادخال التعديل والتغيير المطلوب حسب الضرورة . ويجب المحافظة على العلاقات الجيدة مع من حولنا وتنميتها والعمل على أكتساب وفتح مجالات جديدة للعمل والتطوير فى مختلف المجالات بحسب الامكانيات المتاحة وتطويرها . مما يحقق الرضا النفسي والنجاح العملى والتفوق للوصول الى الحياة الأفضل. 

الاثنين، 7 مايو 2012

الله صديقي



للأب القمص أفرايم الانبا بيشوى

المحبة والصداقة الإلهية ..
+ قدم لنا الانجيل الرب يسوع المسيح صديقا للبشرية يخرج من سمائه ويقترب اليها ويقدم لها ذاته على مذبح الحب فوق الصليب . لا لفضل لنا أو لاستحقاق فينا بل بمقتضى نعمته ومحبته. ان هذه الصداقة لا تطلب منك شئ الا ان تطلبها وان تسأله يوما فيوم ماذا تريد يارب ان افعل؟  وهو يقودك ويكون فردوسا لنفسك وصديقا شخصيا لك وفرح لنفسك الباحثة عن الحب والحياه والفرح .هناك قصة سمعتها عن أحد المؤمنين الذين إنتقلوا فى عشرة صداقة مع الله تقول: ان احد الاشخاص المؤمنين عاش زمانا بعيدا عن الله وتاب ورجع الى الله واراد ان يعوض السنين التي اكلها الجراد ولم يكن فيها له ثمر روحي . ونصحه اب اعترافه ان يتحدث مع الله كصديق ومحب، ولانه يريد صديق قريب لقلبه ويحس بالأمه فقد أتى بايقونة للسيد المسيح ووضعها على كرسي فى صالونه وكان يحيا وحيدا بعد وفاة زوجته وزواج ابنائه وبنته الوحيدة وبعدهم عنه، اخذ يحكى مع الرب الاله المتجسد، ويقراء فى الإنجيل ويشبع بالعشرة مع الله، واصبح له الله هو الصديق والرفيق والمحب المشبع، وكم كانت صداقته بالله مصدر إشعاع روحي للكثيرين وعندما اسلم روحه الطاهرة وجدوه راكعا واضعا يديه على الكرسي الذى يجلس عليه صديقه الإلهي ولاشك ان الله جاء مع قديسيه لياخذ روحه للسماء ليكون معه كما أعلن قبل وفاته لأبيه الروحي . انه يذكرنا باخنوخ البار الذى سار مع الله ولم يوجد لان الله نقله {وسار اخنوخ مع الله ولم يوجد لان الله اخذه }(تك  5 :  24).

+  لقد انفتح لنا باب الصداقة الالهية على مصراعيه واصبح الله قريبا منا ودعانا احباء " انتم احبائي ان فعلتم ما اوصيتكم به . لا اعود ان اسميكم عبيدا لان العبد لا يعرف ما يعمل سيده لكن سميتكم احباء لانى اعلمتكم بكل ما سمعته من أبى " يو 15 : 14 – 15 .ان الله الاب فى المسيح يسوع يريد ان يجمع الكل من كل الامم والقبائل والالسنة والشعوب كابناء له ويجعل من كل واحد وواحدة منا موضع مسرته ومحبته . وهكذا راينا فى كل جيل رجالا ونساء نموا فى معرفة الله ومحبته لتكون لهم عشره وصداقة واتحاد بالله . اصبح كل واحد منهم يحس بالحضور الالهي والحديث المتبادل حتى فى العمل اليومي البسيط فيكون الله العامل معنا والمشارك لنا والمبارك لتحركاتنا وقائد مسيرتنا ليس فى الاعمال العظيمة الكبيرة، بل وفى ابسط واصغر الامور. انا الله يعطينا ان نكون ابناء له ونبوح له بمكنونات قلوبنا ويكشف لنا عن اسرار محبته، ويهبنا نعمة روحه القدوس ليكون ملازم لنا ومعلما ومرشدا وقائدا فى الطريق. ويحل السيد المسيح بالإيمان فى قلوبنا لنتأصل فى المحبة وندرك عمق محبة الله لنا ونكون بحق أصدقاء واحباء {لكي يعطيكم بحسب غنى مجده ان تتأيدوا بالقوة بروحه في الانسان الباطن.ليحل المسيح بالايمان في قلوبكم. وانتم متاصلون ومتاسسون في المحبة حتى تستطيعوا ان تدركوا مع جميع القديسين ما هو العرض والطول والعمق والعلو. وتعرفوا محبة المسيح الفائقة المعرفة لكي تمتلئوا الى كل ملء الله} اف 16:3-19
+ عاش ابونا ادم قديما فى جنه عدن ومعه امنا حواء فى عشرة وصداقة مع الله ، ومع بعضهم البعض فى محبه وتفاهم  وكان الله يتحدث معهما ويدعوهما لتسمية الاشياء باسمائها . ودعاهما ان يتسلطا على طيور السماء وحيوانات الارض وان ينموا ويكثروا .ومع غواية الحية جاء السقوط والخوف والاختباء من الله والقاء اللوم على الاخر وبهتت الصداقة الالهية . فالخطية تمثل فاصل بيننا وبين الله المحب. ومع هذا وجدنا فى العهد القديم امثله طيبة للصداقة الالهية والمحبة المتبادلة بين الله والبشر . فاخنوخ المنادى للبر سار فى صداقة وعشرة مع الله ولم يوجد لان الله نقله. وابراهيم ابو الاباء صار صديقا لله عندما دعاه ان يخرج من ارضه وعشيرته وبيت ابيه  فخرج وهو لا يعلم الى اين يذهب وقال له الله { انا هو الله القدير سر امامي وكن كاملا } وكان الله لا يخفى عليه امر ما ويقول هل اخفى عن ابراهيم ما انا فاعله ؟ فكان يتناقش معه كما يحدث الرجل صاحبه . وموسى النبي كان يكلم الله كما يكلم الرجل صاحبه ايضا ولهذا اخذ من الله حكمة ووداعة واستطاع ان يقود الشعب فى البرية القفره .
وهكذا تمضى السنين ويرسل الله الانبياء ليرشدوا البشرية ويدعوهم الى الرجوع اليه ويعاتب الله البشرية على عدم طاعتها {ربيت بنين ونشاتهم اما هم فعلى قد عصوا} بل ومن تحنن احشائه على شعبه يعتبر بعدهم عنه كابتعاد الزوجة عن زوجها وخيانتها له .

السير مع الله فى محبة صادقه ...

+ المحبة والرفقة الإلهية ..  ان الله ليس عنا ببعيد بل به نحيا ونتحرك ونوجد وهو بالايمان يحل فى قلوبنا ويصيرها مسكنا له ولان الله محبة، فانه لا يسكن الا فى القلب المحب ويريدنا ان نتحدث معه حديث الحب نكشف له عن مكنونات نفوسنا، نشكره على ما نقدمه له من خير، نشكوى له همومنا واحزاننا وشكوكنا. نقدم له طلباتنا ونشبع به جوع قلوبنا، نسمع كلامه ونحفظ وصاياه. ان الذى لا يدعنا نحس بهذه الصداقة والحب هي قساوة القلب وبعده عن الله او هروبنا من وجهه واتباعنا لشهواتنا وخداع ابليس. قد تكون هموم ومشاغل العالم وملذاته سبب فى عدم إحساسنا بمحبة الله الذى لازال ينتظر بل ويطلب صداقتنا له ويفرح بحبنا له كفرح العريس بالعروس ويناجى انفسنا قائلا ها انا واقف على الباب، انه يريد ان نكون له أصدقاء ونجد منه الرفقة والراحة والعزاء، فهل نقبل ان يكون الله صديقنا اما ندعى يمضى عنا ويعبر على غير رجعه ونحن نكون خاسرين بلا اله او رجاء؟ { هنذا واقف على الباب واقرع ان سمع احد صوتي و فتح الباب ادخل اليه و اتعشى معه وهو معي} (رؤ 3 : 20).ان الله  يدعونا  لمحبته وصداقته فهل نلبى الدعوة والنداء؟

+ الطاعة وحفظ الوصية ... ان الله يريد منا الطاعة كابناء، فالتمرد عليه وعصيانه هو جحود لمحبته ورفض لصداقته {الذى عنده وصاياي ويحفظها فهو الذى يحبني والذى يحبني يحبه ابى وانا احبه واظهر له ذاتي} (يو 14 : 21)  ونحن لا نحب باللسان والكلام بل بالعمل والحق . انت مدعو اذن لطاعة الله وحفظ وصاياه والعمل بها ومدعوين  ان ننكر ذاتواتنا  وحمل الصليب كل يوم ونتبعه. انسى اذن ما وراء وامتد الى ما هو قدام طالبا منه ان يجذبك بربط المحبة وقل له ياصديقى الالهي اريد ان احس بحضورك ويا اله المحبة اريد ان احبك اكثر . اطلب منه ليعلن لك ارادته وانتظر الرب وليتشدد قلبك . ان التقوى والطاعة لله تجعلنا نحصل على صداقة الله وتجعلنا نعاشر اصدقاء صالحين وتجعلنا نافعين لغيرنا {من يتقي الرب يحصل على صداقة صالحة لان صديقه يكون نظيره }(سير 6 :  17)

+ السير مع الله ... انت لست وحيدا فى هذه الحياه فلك المسيح قائدا وهو يبحث عن الخروف الضال ليحمله على منكبيه ويدعو الاصدقاء ليفرحوا معه برجوع الضالين . ان الله يسير معك فى رحله الحياه ويحملك وقت التعب ويرويك وقت العطش الروحي والعاطفي والنفسي ، هو يفرح بنا اذ نتخذه صديق محب ويفرح بقيادته لنا فهو الراعي الصالح . اجعل الله سيدا لحياتك وصديقا فى رحلة عمرك وان لم تكن لك الخبرة الروحية الكافية تعلم من سير الاباء القديسين الذين ساروا معه قبلك وكيف كانت كلمة الله حياتهم والصلاة وسيلتهم واسم الرب برج حصين لهم والروح القدس مرشدا ومعزيا فى مسيرة الحياه .



عوائق الصداقة الإلهية ..

+ الخطية والبعد عن الله .. ان الخطية والبعد عن الله تمثل عائقا لقبولنا لصداقة الله، فالانسان الخاطئ يهرب من الله ولا يريد ان يلتقى به، بعض الناس لديهم قناعات خاطئة ان الله وعبادته وصداقته تمثل عائقا امام تحقيق ذواتهم أو نيل رغباتهم وكما فعل الابن الضال فى طلبه نصيبه من ثروته ابيه ليذهب الى الكورة البعيدة ليبذره فى عيش مسرف فتخلى عنه اصدقاء السوء وعندما شعر بالاحتياج ولم يعطيه احد { فرجع الى نفسه وقال كم من اجير لابي يفضل عنه الخبز وانا اهلك جوعا. اقوم واذهب الى ابي واقول له يا ابي اخطأت الى السماء وقدامك. ولست مستحقا بعد ان ادعى لك ابنا اجعلني كاحد اجراك. فقام وجاء الى ابيه واذ كان لم يزل بعيدا راه ابوه فتحنن وركض ووقع على عنقه وقبله}( لو 17:15-20).يجب ان نعلم ان آبار العالم المشققة لا تضبط ماء ولا تعطى شبع أو ارتوا. وان الله يبقى أمينا وصادق وصديق يستقبل الخاطئ بالاحضان الأبوية دون توبيخ أو تعنيف او لوم ويريد ان يملأ قلوبنا فرحا وهو يدعونا ان نستريح فيه { تعالوا الي يا جميع المتعبين و الثقيلي الاحمال وانا اريحكم} (مت 11 : 28). يجب ان نعلم ان الله هو المبادر الى المصالحة والمصارحة مع البشر ويجب ان نثق فى سعيه لخلاصنا ونرجع اليه { لانه ان كنا ونحن اعداء قد صولحنا مع الله بموت ابنه فبالاولى كثيرا ونحن مصالحون نخلص بحياته. وليس ذلك فقط بل نفتخر ايضا بالله بربنا يسوع المسيح الذي نلنا به الان المصالحة} (رو 10:5-11).
+ عدم الثقة وهموم الحياة .. هناك من لا يثقون فى الله ويفتر إيمانهم مع الزمن، وقد تلعب البيئة الخاطئة والذات والانشغال بالملذات والانشغال بهموم الله اليومية اسبابا للبعد عن الله والابتعاد عن الصداقة والعشرة معه، وكثيرين قادتهم  المعاشرات الرديئة الى حياة اللهو والبعد عن الله هكذا يرفض الكثيرين الدعوة الإلهية { وجعل يسوع يكلمهم ايضا بامثال قائلا. يشبه ملكوت السماوات انسانا ملكا صنع عرسا لابنه. وارسل عبيده ليدعوا المدعوين الى العرس فلم يريدوا ان ياتوا. فارسل ايضا عبيدا اخرين قائلا قولوا للمدعوين هوذا غذائي اعددته ثيراني ومسمناتي قد ذبحت وكل شيء معد تعالوا الى العرس. ولكنهم تهاونوا ومضوا واحد الى حقله واخر الى تجارته. والباقون امسكوا عبيده وشتموهم وقتلوهم} (مت 1:22-6). ولكن يجب ان نعلم ان كل إهتمامات العالم وشهواته وامجاده لا تغنى عن الله الغنى والمشبع وان حاجتنا فى النهاية الى الله الواحد كما قال الرب لمرثا { فيما هم سائرون دخل قرية فقبلته امراة اسمها مرثا في بيتها. وكانت لهذه اخت تدعى مريم التي جلست عند قدمي يسوع وكانت تسمع كلامه. واما مرثا فكانت مرتبكة في خدمة كثيرة فوقفت وقالت يا رب اما تبالي بان اختي قد تركتني اخدم وحدي فقل لها ان تعينني. فاجاب يسوع و قال لها مرثا مرثا انت تهتمين و تضطربين لاجل امور كثيرة. ولكن الحاجة الى واحد فاختارت مريم النصيب الصالح الذي لن ينزع منها} (لو38:10-42).
 + حروب الشيطان .. اننا نعلم ان الشيطان يصنع حروبا مع ابناء الله ويريد ان يشغلنا عن الله ويلهينا عن خلاص نفوسنا ومصدر سعادتنا،ثم يتمادى الانسان فى طاعة ابليس والعمل وفقا لشهواته وأهوائه ليكون الشيطان ابا للشرير ومشيرا وصديقا يقوده الى الهلاك وهذا ما يحزرنا عنه السيد الرب {انتم من اب هو ابليس وشهوات ابيكم تريدون ان تعملوا ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لانه ليس فيه حق متى تكلم بالكذب فانما يتكلم مما له لانه كذاب وابو الكذاب} (يو  8 :  44).ان الشيطان يعلم ان الصلاة هي الصلة التي تربطنا بالله، وان الصداقة بالله تجعلنا نثبت فى الحق ونثمر فلهذا يلهينا بكل مشاغل العالم وصراعاته، ونحن محاصرون بسيل من الاخبار والاحداث والميديا وعالم الكمبيوتر والنت والدش والجرائد والاحداث بالاضافة الى العمل على تأمين الحياة الكريمة والمستقبل الافضل وكل ذلك ليس خطية فى حد ذاته بل الخطية هو ان كل هذه الامور تسيطر على فكر وعواطف الانسان وتبعده عن رفع القلب لله بالصلاة، وايجاد الحلول الأمثل لدي الله لمشاكلنا وهمومنا. اننا نعلم ان الله انتصر على إبليس وكل قواته الشريرة، واعطانا امكانية النصرة ووهبنا اسلحة الحرب الروحية فهل نشرك الله كصديق قوى نحتمى فيه ونتقوى بالإيمان{ اخيرا يا اخوتي تقووا في الرب وفي شدة قوته. البسوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تثبتوا ضد مكايد ابليس. فان مصارعتنا ليست مع دم ولحم بل مع الرؤساء مع السلاطين مع ولاة العالم على ظلمة هذا الدهر مع اجناد الشر الروحية في السماويات. من اجل ذلك احملوا سلاح الله الكامل لكي تقدروا ان تقاوموا في اليوم الشرير وبعد ان تتمموا كل شيء ان تثبتوا. فاثبتوا ممنطقين احقاءكم بالحق ولابسين درع البر. وحاذين ارجلكم باستعداد انجيل السلام. حاملين فوق الكل ترس الايمان الذي به تقدرون ان تطفئوا جميع سهام الشرير الملتهبة. وخذوا خوذة الخلاص وسيف الروح الذي هو كلمة الله} (أفس 10:6-17).  
+ اننا اذ نجد ان الله يطلب محبتنا ويريد منا ان نكون صادقين فى المحبة لننمو فى المعرفة والاتحاد والشركة لنصل الى حياة القداسة ويهبنا كل الامكانيات اللازمة للفضيلة والتقوى فيجب ان نأتي اليه ونتعلم منه  ونكون أوفياء له ونتعلم من مسيرة الاباء القديسين معه كيف  نسير مع الله ؟ ويكون لنا الطريق والحق والحياة ونجد معه التعزية والصداقة والشبع الروحي والنفسى، فيكون لنا الصديق الدائم ولا تعد تستهوينا الاشياء ولا الاغراء بل نحيا معه وله اصدقاء واحباء ويرفعنا من مرتبة العبيد الفقراء الى الابناء الاعزاء والمحبوبين من الله.